الديمغرافية اللبنانية معضلة ومشكلة لبنانية لأنها تقوم على احتساب وتعداد اللبنانيين وفقًا لطوائفهم ومذاهبهم وليس لأنهم مواطنون لبنانيون أولا. ولهذا السبب لم يجر إحصاء رسمي للسكان منذ العام 1932 لعدم الكشف عن حقيقة الأرقام بالرغم من الاتفاق بين المكونات اللبنانية على المناصفة في المواقع السياسية والإدارية العليا بعيدًا عن الأعداد، وهي بدورها معروفة من خلال طلاب المدارس أو أعداد الناخبين (على الرغم من الأخطاء التي تتضمنها سواء القيود المكررة للزوجات أو أسماء متوفين لم يتجاوزوا الـ 100 سنة لشطبها).

وفي مراجعة لأعداد الولادات والوفيات في العام 2023 وفقًا للأقضية يتبيّن أنّ الزيادة السكانية كانت ضئيلة أو شبه معدومة في المدن، ومرتفعة في المناطق الزراعيّة، وقد تكون ذات غالبية إسلامية مثل عكار وسواها في الشمال وصور ومحيطها جنوبًا، ولكن الأهمّ من كلّ ذلك نحن نعيش في مجتمع يشيخ.

الزيادة السكانية قبل الأزمة وبعدها

خلال الأعوام 2016- 2019 وصل عدد الولادات إلى 354,866 فردًا مقابل 100,771 وفاة بزيادة مقدارها 254,095 أفراد أي بمتوسط سنوي 63,523 فردًا.

هذه الأرقام والوقائع تبدلت بعد الأزمة وفي السنوات اللاحقة (2020- 2023) إذ انخفض عدد الولادات إلى 271,913 فردًا مقابل ارتفاع الوفيات إلى 119,101 فردًا أي بزيادة مقدارها 152,812 فردًا أي بمتوسط سنوي 38,203 أفراد، وفي مقارنة ما قبل الأزمة وما بعدها يتبيّن تراجع في النمو السكاني بنسبة 39.8%.

الواقع في العام 2023

في العام 2023 وصل عدد الولادات إلى 66,866 فردًا منهم 34,264 ذكرًا و32,602 أنثى مقابل 26,284 وفاة منهم 14,087 ذكرًا و12,197 أنثى، بزيادة 40,582 فردًا، موزعين بين 20,177 ذكرًا و20,405 إناث. وهذه الأرقام وتوزّعها جندريًا لا تختلف عن السنوات السابقة حيث ولادات الذكور أعلى من ولادات الإناث ووفيات الذكور كذلك أعلى من وفيات النساء لتكون المحصلة النهائية أن الزيادة في أعداد الإناث أعلى من أعداد الذكور بنسبة 1.13%.

الواقع تبعًا للأقضية

تختلف معدلات الولادات والوفيات تبعًا للأقضية فترتفع في الأقضية ذات "الأكثرية المسلمة" وتنخفض في تلك ذات "الأكثرية المسيحية" وفقًا لما هو مبيّن في الجدول التالي، حيث سجّل قضاء المتن الزيادة الأدنى 11 فردًا فقط، ومن بعده كسروان 69 فردًا وبشري 87 فردًا. أما الزيادة الأعلى فكانت في عكار وبلغت 7,678 فردًا وبعلبك الهرمل 6,381 فردًا وصور 3,146.

جدول. النمو السكّاني في لبنان بحسب الأقضية 2023، من الأعلى إلى الأدنى.

المصدر: إعداد الشركة الدولية للمعلومات استنادًا إلى أعداد الولادات والوفيات الصادرة عن المديرية العامة للأحوال الشخصية.

نسب مرتفعة في أقضية ومنخفضة جدًا في أقضية أخرى

وبعد ذلك كلّه، لا بدّ من الإشارة إلى أنّ نسبة الزيادة تعتبر مرتفعة أو "مستقرّة" في كلّ من:

قضاء عكار (1.56%)  الذي جاء أوّلًا في نسب الزيادة، يليه قضاء المنية- الضنية (1.3%)، فقضاء بعلبك- الهرمل (1.2%) ثم البقاع الغربي (0.97%) بينما جاءت نسبة النمو السكّاني في قضاء المتن (0.0046%) الأدنى، فكسروان (0.55%) وبشرّي (0.13%).

في الدول التي تخطّط للمستقبل، يتمّ تحديد الأسباب بعد إجراء مسحٍ سكّاني شاملٍ وتفصيليّ لا تكون الطوائف محوره، وهذا أساسي لوضع الخطّة التي ستطرح الحلول.