كلُّهم انتصر فمن خسر؟ أهذا نصر على جثة وطن؟!

كلُّهم انتصر فمن خسر؟ أهذا نصر على جثة وطن؟!

أنظر الشعب ديون ... كيف يوحون إليه

ملأً الجوَّ هتافاً ... بحياة قاتليه ..

أثر البهتانُ فيه .. وانطلى الزور عليه

ياله من ببغاء ٍ.. عقلُه في أُذُنَيْه

أحمد شوقي

مسرحية كليوبترا

كل نواب لبنان يستقبلون المهنئين، ومن لم يصله الخبر عبر الأقنية الحزبية أو رؤساء البلديات والمخاتير فيمكنه أن يقرأ: "يستقبل (فلان) المهنئين في دارته". فلنشرئب لتهنئتهم. و"الأحزاب" تعقد احتفالات النصر؟ تُرى أي نصر وعلى من انتصروا؟ تعرفونهم من ابتساماتهم وكالعادة سيلتزمون بما وعدوا به. فالبيئة ستتحسن ولن نرى أكياس الزبالة في الشوارع والوديان والبحار، وشركات الإسمنت ستصبح نظيفة والمياه الآسنة أنهاراً وبحراً ستصبح نقية، والكهرباء ستأتي 24/24. ولن يكون هناك زحمة سير لا في شوارع بيروت وخاصة من وإلى نفق نهر الكلب وجونيه ومن وإلى الشويفات. فسيسير القطار الذي عمل جزئياً (حتى خلال الحرب وبعد نهايتها في أوائل التسعينات) وسيُنظَّم النقل العام ولن نرى أطفالاً في الشوارع ولا مريضاً على باب مستشفى. وسوف تعود الجامعة اللبنانية كما كانت في السبعينات، وكذلك المدارس الرسمية. فلنهرول إذاً لتهنئتهم ولنتكلم بصوت عالٍ عن "المكونات" وكيف اقترعت لنوابها وكيف تتعايش مع بعضها. وليُهنئ "الناخب السني" من فاز بصوته التفضيلي "بالمقعد السني" وليهنئ "الناخب الماروني" من فاز بصوته التفضيلي "بالمقعد الماروني" وليهنئ "الناخب الشيعي" من فاز بصوته التفضيلي "بالمقعد الشيعي" ولنهتف معاً: نحب لبنان!

نعم، لن يهاجر أبناؤنا بعد اليوم وسيعود "المنتشرون" بعد أن نفذوا ما كلفوا به من "لبنان الرسالة" حين انتشروا. وسوف يقوم الطبيب والمهندس والمحامي والقاضي بأكمل واجباته المهنية وبأخلاق عالية. وسوف ترون النواب الذين اقترعنا لهم يعملون ليلاً نهاراً في أروقة المجلس تشريعاً ورقابةً، فلا دجل ولا هزل ولا تحريض ولا من يسرق ولا من يهدر فلساً واحداً من أموال الدولة. طبعاً حان وقت الاحتفال فلقد انتصر الجميع: القوات اللبنانية، التيار الوطني الحر، التقدمي الاشتراكي، حزب الله، وحركة أمل، تيار المردة، الحزب القومي وحتى "المجتمع المدني". ترى من خسر إذاً؟!

  • خسر من اعتقد أن الترشح والاقتراع على مقعد طائفة معينة هو معيب.
  • خسر من اعتقد أن الناس ستحاسب جلاديها.
  • خسر من راهن أن هناك 850 ألف ناخب جديد سيغيرون ما فعله أهلهم.
  • خسر من تأمل في زعمائنا خيراً واعتقد أنهم، وفي لحظة تجلي، سيقولون: كفانا، لنترك بلداً يفخر به أحفادنا.
  • خسر من راهن على "مجتمع مدني" يُردِّد ببغائياً ما يسمعه من هنا وهناك.
  • خسرنا نحن مناهضو نظام لبنان منذ العام 1943 حتى الآن حين لم ننجح بتشكيل حالة يثق بها الناس ويطمئنوا إليها.

ترى من انتصر إذاً!!:

  • انتصر لبنان الشركات النفطية (بل شركة والآن ربما شركتان احتكاريتان) تسطو على أكثر من 300 مليون دولار سنوياً من جيوب الناس، وربما أكثر من ذلك.  
  • انتصر لبنان الذي يجبي من المعتدين على الأملاك البحرية نحو 3 ملايين دولار سنوياً بينما يتوجب أن تُحصِّل الدولة نحو 300 مليون دولار، إن لم نقل إزالة هذه المخالفات بالكامل.
  • انتصر لبنان الذي يهدر نحو 200 مليون دولار سنوياً في وزارة الاتصالات مع عذاب الهاتف والإنترنت انقطاعاً وبطأً.
  • انتصر لبنان الذي يهاجر منه سنوياً نحو 30,000 من أبنائه.
  • انتصر لبنان الـ 100 مليار دولار دين عام.
  • انتصر لبنان الكتل المفروزة طائفياً وبشكل واضح وصريح ودون أي خجل.

سمعنا خطابات الشحن الطائفي ورأينا دور المال المنهوب!

قريباً سنسمع طبول وأبواق الطوائف تزداد ضجيجاً!

قريباً سنسمع أصوات البنادق وأنين الضحايا!

هذه صورهم على لوحات معتدية على الملك العام ومخالفة للقانون، فمن لم يخجل من التشدق بشعارات كاذبة وجوفاء، ومن لم يخجل من القول أن على كل طائفة أن تنتخب نوابها، طبعاً لن يخجل بأن يقول أنه انتصر.

فهنيئاً لــهم نــصـــــــراً علــى جثــة وطـــن.

جــــواد نـــديم عـــدره

 

اترك تعليقا