محاسبجية

ليس دفاعاً عن وزيرة المال ولا طبعاً عن فؤاد السنيورة ولكن أين كانت رموز المعارضة حين تم عن سابق تصور وتصميم اختيار هذا المسار الإقتصادي منذ أوائل التسعينيات وبثقة عارمة من المجالس النيابية؟

اليوم، وفجأة، هناك من يريد التدقيق في الأرقام وهذا الحرص كان مفقوداً حين أعيد السنيورة رئيساً للوزراء بعد الدوحة وبعد استشارات عارمة مؤيدة له؟

 

قطعُ الحساب اليوم، ولكن لماذا كان هذا السكوت ومنذ العام 2005؟ مساءلة من هدَرَ المال العام اليوم، ولكن لماذا السكوت ومنذ العام 1992؟ هناك نوعان من الأرقام، تلك التي ندرسها وتلك التي نخترعها. ومشكلة ما يسمى «المعارضة» أنها لا تدرس ومهمة ما يسمى «الموالاة» أن تخترع.

 

لماذا كان السكوت عن موازنة لم تقر منذ العام 2006 وحتى العام 2010؟

 

وأيضاً أين كانت رموز 14 آذار حين أستُبيحت البلاد في الحرب الأهلية وبعد الطائف؟ يريدون العدالة الآن؟ ولكن ماذا عمن فُقدوا خلال الحرب الأهلية على حواجز الميليشيات وماذا عن أهل نهر البارد وأفراد الجيش اللبناني الذين قضوا دون معرفة ملابسات ما حدث؟

 

وهنا يأتيك القول أنّ العدالة عندما تنظر إلى الجرائم تدوس البريء أحياناً.

فلا «المعارضة» تريد فعلاً وقف هدر المال العام ولا «الموالاة» تريد فعلاً العدالة.

 

ويقولون «بالسياسة» اتهمنا سوريا بالإغتيال، وبـ»السياسة» اتهمنا «الموالاة» بالعمالة، وبـ»السياسة» سكتنا عن هدر المال العام والتلاعب بالأرقام. لكننا اليوم نريد الحقيقة عبر المحكمة الدولية وعبر قطع الحساب وعبر محاكمة شهود الزور.

 

وواقع الأمر أن لا المحكمة الدولية ولا قطع الحساب ولا محاكمة شهود الزور ستؤدي إلى معرفة الحقيقة.

 

لكن اللبنانيين سيفرحون لأنّ لديهم محاسبجية يتقنون فن احتساب مسافة الطريق إلى العدالة وإلى وقف هدر المال العام.

 

غداً وبـ»السياسة» وبالسلاح قد ينفجر الوضع إذا أُمروا، وغداً قد يصمت الجميع بسياستهم وسلاحهم، إذا أُمروا!

 

يقول جايمس أشر James Asher  في بحثه حول أسطورة الأرقام غير المنطقية

 

إنّ أرقام الكسور والتي لا تنتهي هي ليست بأرقام مثلاً 0.333=3/1 و14285710.=7/1

 

بل هي «دويخة» نلهث فيها ووراءها، وهذه هي قصة الحقيقة والعدالة والأرقام في لبنان.

جواد عدره

 

اترك تعليقا