هل صحيح أنّ الجزر يقوّي النّظر؟

الحقيقة: 
الجزر مصدر غني بالفيتامين A الذي يساعد على الحفاظ على البصر، لكنّه في الواقع لا يقوّي النظر أو يساعد على الرؤية في الظلام كما يدّعي الأهالي على أمل أن يتشجّع أولادهم على تناول الخضار. 

يحتوي الجزر على الفيتامين A على شكل بيتا كاروتين الذي يلعب دورًا أساسيًا في النّظر، نموّ العظام والصحة العامة لجهاز المناعة كما أنّه يساعد على حماية قرنية العين أي الطبقة الأمامية الشفافة من جدار مقلة العين والتي تعد جزءًا أساسيًا للرؤية السليمة. إلا أنّ تناول الجزر لن يحسّن نظرك ما لم تكن مشاكلك البصرية مرتبطة بالفيتامين A، أيّا كانت الكميات التي تتناولها. يمكن أن يؤدي النقص الحاد في الفيتامين A  في نظامنا الغذائي إلى فقدان البصر والواقع أن نقص هذا الفيتامين يشكّل اليوم المسبّب الأول للعمى. تفيد أرقام منظمة الصحة العالمية بأنّ 250 ألف إلى 500 ألف طفل يفقدون بصرهم سنويًا نتيجة نقص في الفيتامين A. على الرغم من أنّه غير ضار، قد يؤدي الاستهلاك المفرط لمادة البيتا كاروتين إلى اتخّاذ البشرة لونًا مائلاً إلى البرتقالي. 

في الحقيقة، الجزر ليس الخضرة الوحيدة التي تحتوي على البيتا كاروتين، فهنالك مصادر أخرى لهذه المادّة كالبطاطا الحلوة واليقطين والمشمش والشمام كما أنّها تتوفّر في الحليب والجبن وصفار البيض والكبد. يشتق الفيتامين A إما من المأكولات الحيوانية، على شكل مادة “ريتينول” يتمّ استخدامها مباشرةً عبر الجسم أو من الفواكه والخضار الملوّنة على شكل “كاروتينويدات” تتحوّل لاحقًا إلى “ريتينول”. 

في القرون الوسطى، كان يُعتقد أنّ الجزر يشفي كافة الأمراض بدءًا من الأمراض المنتقلة جنسيًا إلى لدغات الأفاعي، ولم يكن مرتبطًا بالنّظر حتى الحرب العالمية الثانية  حين أعلن السلاح الجوي الملكي البريطاني أن نظامأ غذائيًا  صارمًا مرتكزًا على الجزر ساعد طياريه على الرؤية والقضاء على القاذفات النازية التي كانت تقصف خلال الليل. والواقع أنّه تمّ الترويج لهذه الدعاية بغية التضليل وإخفاء حقيقة أنّة سلاح الجو الملكي كان يستخدم رادارًا قادراً على رصد قاذفات العدو قبل دخولها الأراضي البريطانية. على الرغم من أنّ فرنسا، بريطانيا، الولايات المتحدة الأميركية، الاتحاد السوفييتي، ايطاليا، اليابان وألمانيا قد عمدوا جميعًا إلى ايجاد واستكشاف رادارات إلا أنّ الإنكليز وحدهم تمكنوا من تطوير شبكة رادارات فعالة تعمل على مدار الساعة. لذلك، كان على الانكليز اختلاق الروايات المعقولة التي تبرّر الزيادة المفاجئة في أعداد القاذفات المستهدفة، فأتوا برواية الجزر وما كان من عامّة الشعب إلا أن سارعوا إلى زراعة وأكل المزيد من الجزر، لاعتقادهم أن تناول الجزر سيسهم في تحسين رؤيتهم عند انقطاع التيار الكهربائي وغرق البلاد في الظلمة التي كانت شائعةً آنذاك.  والواقع أن الحيلة انطلت على الألمان أيضًا فباشروا بتخزين الجزر. 

لعب الرادار الانكليزي دورًا أساسيًا في تلك المرحلة ومنع الغلبة للسلاح الملكي الجوي فكان لا بدّ من التستّر على وجوده وإبقائه سرًا. لقد أسهمت الدعاية الانكليزية إلى حدّ كبير في الترويج للتصوّر الشائع حول الجزر وعلى الرغم من أنّ الجزر لا يمكنه تحسين نفاذ البصيرة لدى من يعاني من مشكل في الرؤية، إلا أنّ الفيتامينات الموجودة في هذه الخضرة تساعد في تعزيز صحة العين عمومًا.  

اترك تعليقا