بعد شغور موقع رئاسة الجمهورية اللبنانية-إنتخاب الرئيس لا يوجب تعديل الدستور

 

 
 
 
 


نص المادة 49:
تنص الفقرة الثالثة من المادة 49 من الدستور بعد تعديلها بموجب إتفاقية الطائف في العام 1990:

«...كما أنه لا يجوز إنتخاب القضاة وموظفي الفئة الأولى، وما يعادلها في جميع الإدارات العامة والمؤسسات العامة وسائر الأشخاص المعنويين في القانون العام، مدة قيامهم بوظيفتهم وخلال السنتين اللتين تليان تاريخ إستقالتهم وإنقطاعهم فعلياً عن وظيفتهم أو تاريخ إحالتهم على التقاعد...»

وهذه الفقرة لم تكن موجودة سابقاً إذ تمّ في العام 1958 إنتخاب قائد الجيش اللواء فؤاد شهاب من دون تعديل الدستور، وكذلك تمّ في العام 1976 إنتخاب حاكم مصرف لبنان إلياس سركيس من دون تعديل الدستور.

ويقال إن هذه الإضافة إلى المادة 49 كانت بطلب من الرئيس السوري حافظ الأسد إلى اللجنة العربية التي عرضت عليه مسودّة الإتفاق، وكان الرئيس السوري حينها تحت « صدمة « قائد الجيش العماد ميشال عون ومواقفه الرافضة للوجود السوري والساعي للوصول إلى الرئاسة. والإضافة تستهدف بشكل أساسي حاكم مصرف لبنان كي لا يستخدم الليرة للوصول إلى الرئاسة، وقائد الجيش كي لا يستخدم الجيش للوصول إلى الرئاسة، لأن سائر الأشخاص في الفئة الأولى لا يتمتعون بقوة الشخصين اللذين يشغلان الموقعين، ولكن تمّ تعديل هذه المادة في العام 1998 لإنتخاب قائد الجيش العماد إميل لحود رئيساً للجمهورية.

إنتخاب الرئيس سليمان: 
بعد إنتهاء ولاية الرئيس إميل لحود الممدّدة في 24 تشرين الثاني 2007، لم يتم إنتخاب خلف له وأصبحت سدّة رئاسة الجمهورية شاغرة وإستمرت كذلك حتى إجتماع الأطراف السياسية اللبنانية في الدوحة عاصمة دولة قطر والإتفاق على حل للأزمة السياسية وقانون جديد للإنتخابات النيابية وإنتخاب قائد الجيش اللبناني العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، وعقد مجلس النواب جلسة لهذه الغاية يوم الأحد في 25 أيار 2008 تمّت خلالها قراءة الفقرتين الأولى والثانية من المادة 49 من الدستور (من دون قراءة الفقرة الثالثة التي سبق ذكرها والتي تفرض الإستقالة قبل سنتين من موعد الإنتخاب)، والمادة 74 من الدستور التي توجب إجتماع مجلس لإنتخاب رئيس الجمهورية في حال خلو سدّة الرئاسة.

في هذه الجلسة تحدّث الرئيس حسين الحسيني مقترحاً تعليق الأحكام التي تحول دون إنتخاب العماد ميشال سليمان «المنصوص عنها في المادة 49 (الإستقالة قبل سنتين) واللجوء إلى المادة 73 بحيث تجتمع الحكومة في قاعة جانبية طالما هي موجودة الآن وتوافق لتكون المبادرة من المجلس ولا شائبة في ذلك لأننا في دورة عادية وتجتمع خلال نصف ساعة يكون القانون الدستوري معدلاً والعملية الإنتخابية سليمة تماماً، أرجو أن يؤخذ بإقتراحي لأنه يجنّبنا علامات الإستفهام، ومع ذلك إذا لم يؤخذ بإقتراحي ألتزم بما تقرّره الأكثرية» .

وردّ الرئيس نبيه برّي «أن المادة 73 هي المرعية الإجراء وليست المادة 74 لأنه تماماً كما قلت أنت عندئذ مسألة إلتئام المجلس بعد إنتهاء ولاية الرئيس نخضع للمادة 73، وبالتالي تسقط المهل. وإننا إذا أخذنا بإقتراحك نخالف الدستور».

النائب بطرس حرب كانت له أيضاً مداخلة (سبقت مداخلة الرئيس الحسيني) أكّد فيها الإلتزام بتأييد العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية وإن الإعتراض ينحصر في الآلية المعتمدة للإنتخاب وقال هل نصت المادة 74 من الدستور على أنه يجوز إسقاط المهل التي فرضتها المادة 49 في فقرتها الثالثة التي لم تتلَ الآن في مطلع الجلسة؟ ولماذا اللف والدوران ؟ ولكي لا نعمد إلى تعديل هذه المادة من الدستور فنعمل على إنتخاب رئيس لا نترك شائبة حول إنتخابه، وتساءل ما هو مصير الإنتخابات الرئاسية في كل مرة يمكن أن تطرح علينا ويقف فريق من اللبنانيين ليقول لدي الثلث ولن أشارك في الإنتخابات حتى إنتهاء مهلة الشهرين، وعندئذ نطبق مرة ثانية المادة 74 وننتخب من حظر عليه الدستور دون الإستقالة قبل سنتين؟ وردّ الرئيس بري بما ردّه على الرئيس الحسين سائلاً إياه «وكأنك يا شيخ بطرس تطبق الدستور وكلنا لا نطبق الدستور» فردّ حرب قائلاً «لم أقصد ذلك» .

النائب نايلة معوّض كانت لها مداخلة أيضاَ في السياق ذاته قائلة إن انتخاب العماد سليمان من دون تعديل دستوري يشكل خرقاً للدستور ونحن لا نستطيع إلاّ أن نعبّر عن تحفظنا لأن ذلك قد يشكّل سابقة خطيرة في لبنان!

كل هذه الإعتراضات الدستورية لم يؤخذ بها وجرت عملية الإنتخاب من دون تعديل الدستور ونال سليمان 118 صوتاً من أصل 127 نائباً حضروا الجلسة ووجدت 6 أوراق بيضاء وورقة واحدة باسم نسيب لحود وأخرى باسم جان عبيد وثالثة باسم الشهيد رفيق الحريري.

نصّ المادة 73 من الدستور:
«... قبل موعد إنتهاء ولاية رئيس الجمهورية بمدة شهر على الأقل أو شهرين على الأكثر يلتئم المجلس بناء على دعوة من رئيسه لإنتخاب الرئيس الجديد وإذا لم يدعَ المجلس لهذا الغرض فإنه يجتمع حكماً في اليوم العاشر الذي يسبق أجل إنتهاء ولاية الرئيس ...»

نص المادة 74 من الدستور:
«... إذا خلت سدّة الرئاسة بسبب وفاة الرئيس أو إستقالته أو سبب آخر فلأجل إنتخاب الخلف يجتمع المجلس فوراً بحكم القانون وإذا إتفق حصول خلاء الرئاسة حال وجود مجلس النواب منحلاً تدعى الهيئات الإنتخابية دون إبطاء ويجتمع المجلس بحكم القانون حال الفراغ من الأعمال الإنتخابية ...»   

اترك تعليقا