كم هو عدد اللبنانيين المسجلين، كم هو عدد المقيمين منهم في لبنان وكم هو عدد المهاجرين؟ أسئلة تصعب الإجابة على بعضها لغياب الإحصاءات الرسمية الدقيقة. والسبب الأساسي الكامن وراء هذا الغياب او “التغيب” ليس عجز أجهزة الدولة وإدارتها المعنية لاسيما المديرية العامة للأحوال الشخصية عن القيام بهذه المهمة، بل هي أسباب طائفية تكتسب “بعداً وطنياً” في عدم الكشف عن تركيبة اللبنانيين الطائفية وكيفية توزعهم على الطوائف الـ 18 التي يتكون منها نظام الطوائف اللبناني. كي تبقى المناصفة قائمة بين المسلمين والمسيحيين وكذلك التوازن ضمن كل فئة من الفئتين استناداً إلى أرقام وهمية غير معلنة. لكن ما هو معروف أن التوازن والمناصفة لم تعد قائمة في لعبة الديمغرافية بين المسلمين والمسيحيين وهو خلل مرشح للارتفاع خلال السنوات والعقود القادمة كما ستكشف عنه هذه الدراسة.

اللبنانيون في العام 1860

بلغ عدد اللبنانيين في العام 1860 (لم يكن موجوداً بحدوده الحالية بل كان متصرفية تمتد على مساحة 3,500 كلم2) 217,675 نسمة موزعين على الطوائف كما يظهر في الجدول رقم 1.

حيث شكل المسيحيون نسبة 79% بينما شكل المسلمون نسبة 21%.

اللبنانيون في العام 1932

تم في أيلول من العام 1920 إنشاء دولة لبنان الكبير وتوسيع حدوده وأصبح يضم مناطق فيها طوائف أخرى تختلف عن تلك الموجودة ضمن نطاق المتصرفية، فارتفعت بشكل كبير أعداد المسلمين السنة والشيعة. وجرى الإحصاء الأول الوحيد للسكان في لبنان عام 1932 حيث بلغ عدد اللبنانيين المسجلين 1,046,164 نسمة، منهم 793,396 مقيماً. وتوزع اللبنانيون المقيمون والمهاجرون تبعاً للطوائف كما يظهر في الجدول رقم 2. حيث شكل المسيحيون نسبة 59.2% من المسجلين بينما شكل المسلمون نسبة 40.4%.

المصدر: الإحصاء الرسمي الذي حصل في العام 1932

اللبنانيون في العام 2006

بلغ عدد اللبنانيين المسجلين في العام 2006 نحو 4,571,000 نسمة، يقدر عدد المقيمين منهم بنحو 3,800,000 نسمة. ويتوزع السكان المسجلون على الطوائف كما يظهر في الجدول رقم 3. حيث شكل المسيحيون نسبة 35.5% من السكان المسجلين، بينما شكل المسلمون نسبة 64.5%.

المصدر: كتاب “اللبنانيون 1907- 2006”

نسبة النمو السكاني تبعاً للطوائف

في مقارنة بين توزع السكان تبعاً للطائفة خلال العامين 1932- 2006 نتبين أن عددهم قد ارتفع بمقدار 3,524,836 فرداً ونسبة 337%، وارتفع عددهم تبعاً للطائفة كما يلي:

• الموارنة: 652,200 فرد وبنسبة 286%.

• الروم الأرثوذكس: 176,657 فرداً وبنسبة 133%.

• الروم الكاثوليك: 127,664 فرداً وبنسبة 167%.

• الارمن الأرثوذكس: 75,928 فرداً وبنسبة 270%.

• الأرمن الكاثوليك: 16,566 فرداً وبنسبة 257%.

• الإنجيليون: 16,400 فرد وبنسبة 356%.

• السنة: 1,141,695 فرداً وبنسبة 588%.

• الشيعة: 1,166,455 فرداً وبنسبة 700%.

• الدروز: 185,916 فرداً وبنسبة 300%.

• العلويون: غير محدد.

وتظهر الأرقام والنسب المذكورة أن نسبة الزيادة لدى المسلمين أكثر من ضعفي نسبة الزيادة لدى المسيحيين. إذ استحوذ المسلمون على نسبة 71% من الزيادة الحاصلة في أعداد اللبنانيين.

مرسوم التجنيس

الزيادة الحاصلة في أعداد المسلمين مقارنة بالزيادة الحاصلة في أعداد المسيحيين مردها بشكل أساسي إلى ارتفاع نسبة الولادات لدى المسلمين وربما تعدد الزوجات وغيرها من العوامل الاجتماعية والثقافية والاقتصادية. ويضاف إليها سبب أساسي وهو مرسوم التجنيس الرقم 5247 تاريخ 20 حزيران 1994 والذي قضى بتجنيس 153,452 شخصاً وصل عددهم بعد تنفيذ المرسوم نتيجة الولادات أو الزواج إلى 202,527 فرداً بلغ عدد المسيحيين منهم 43,516 فرداً أي بنسبة 21.5% بينما بلغ عدد المسلمين 159,011 فرداً (شكل السنة نسبة 58.4% من اجمالي المجنسين) أي بنسبة 78.5% ويبين الجدول رقم 4 توزع اعداد المجنسين تبعاً للطائفة.

المصدر: كتاب “مرسوم التجنيس رقم 5247 القصة الكاملة”- بشارة مرهج

المستقبل

استناداً إلى أعداد اللبنانيين المسجلين في العام 2006 وإلى نسب النمو التي سجلت لدى الطوائف المختلفة خلال السنوات الماضية، وفي حال عدم حصول عوامل أو أمور غير محسوبة كمرسوم تجنيس للمسيحيين او إقرار حق المتحدرين من أصل لبناني باستعادة جنسيتهم أو حصول تبدل في نسب الولادات وغيرها. فان التوقعات تشير إلى أن عدد اللبنانيين المسجلين سيصل في العام 2016 الى 5,082,363 شخصاً يشكل المسلمون منهم نسبة 66.5% والمسيحيون نسبة 33.5% وفي العام 2081 قد يصل عدد اللبنانيين إلى 5,987,631 شخصاً يشكل المسلمون منهم نسبة 73.2% والمسيحيون نسبة 26.8% وفقاً لما هو مبين في الجدول رقم 5 التالي:

المصدر: الدولية للمعلومات استناداً الى دراسة اعدها الخبير الاكتواري إبراهيم مهنا

الولادات والوفيات تبعاً للمحافظات خلال السنوات الماضية 2006-2012

وصل عدد الولادات خلال هذه الفترة (2006-2012) الى 601,967 فرداً وعدد الوفيات إلى 152,635 فرداً وتكون الزيادة الصافية 449,332 فرداً. ويلاحظ أن نسبة الولادات من المحافظات ذات الأكثرية الإسلامية (الشمال والجنوب) هي أعلى من النسبة في المحافظات ذات الأكثرية المسيحية (جبل لبنان)، وفقاً لما هو مبين في الجدول رقم 6.

المصدر: إدارة الإحصاء المركزي

في الخلاصة

في المسار الحالي للنمو الديمغرافي اللبناني تبعاً للطائفة يسجل نسبة نمو عالية لدى الطوائف الاسلامية بينما هي أدنى أو سلبية لدى الطوائف المسيحية ولا يبدو أن هذا المسار قد تبدل خلال السنوات الماضية أو هو في طور التبدل في المستقبل القريب ضمن المعطيات المتوفرة، وبالتالي فان المسيحيين الذين شكلوا أكثرية اللبنانيين منذ انشاء لبنان وحتى العقود القليلة الماضية لم يعودوا كذلك وقد يكونون أقلية في بداية القرن القادم ما يطرح الكثير من الهواجس حول المستقبل.