الواقع اللبناني مطاعم تفيض بالرواد  ومصيرٌ أسود ينتظر الفقراء المرضى

الواقع اللبناني مطاعم تفيض بالرواد

ومصيرٌ أسود ينتظر الفقراء المرضى

 

زحمة سير في الطرقات خلال معظم أوقات النهار والليل، "عجقة ناس" في المطاعم "والمولات"، وحركة كبيرة في المطار للوافدين والمغادرين، هي صورة لبنانيّة حقيقية ومعبّرة عن الواقع المعاش للّبنانيّين في معظم المناطق.

ولكن هل تختزل هذه الصورة الواقع اللّبناني؟ إذ أنّ هناك وقائع ومؤشّرات خطيرة ومقلقة لا تبعث على الرضى والارتياح. في تعدادها، نحار من أين نبدأ؟

هل نبدأ بتآكل القدرة الشّرائيّة للّيرة اللّبنانيّة "وذوبان" تعويضات نهاية الخدمة، أو الهجرة، أم كلفة الكهرباء والمولّدات، الانتحار، العنف الأسري، أو الأوضاع المقلقة في المدرسة الرسميّة والجامعة اللبنانيّة؟

ربما من بين المؤشّرات والوقائع، الأكثر عمقًا وانعكاسًا للواقع اللبناني المرير والصعب، تلك التالية:

  1. الهجرة

ارتفعت أعداد المهاجرين والمسافرين بشكل كبير خلال السّنوات الماضية، وذلك نتيجة للأزمة التي يعيشها لبنان وتآكل القدرة الشّرائيّة وانعدام فرص العمل وارتفاع نسبة البطالة. لقد وصل عدد المهاجرين والمسافرين خلال الأعوام 2017-2023 (نهاية نيسان 2023) إلى نحو 307 آلاف لبنانية ولبناني، وأكثر من 70% منهم من الفئات الشّابة. ومن الأرقام الدالة على هذا الارتفاع أنّه خلال الأشهر الـ 5 الأولى من العام 2023، وصل العدد إلى 32,332 شخصًا مقابل 8,711 خلال الفترة ذاتها من العام الماضي. بارتفاع نسبته 271%.

  1. تراجع عدد الولادات

تراجع عدد الولادات بشكل كبير خلال فترة الأزمة الاقتصادية وتفشّي وباء الكورونا، إذ انخفض العدد من 92,957 ولادة في العام 2018 إلى 62,868 ولادة في العام 2022، أي بتراجع مقداره 30,089 ولادة، ونسبته 32%.

  1. تراجع استيراد الدواء                                                                   

وصل حجم الدواء الذي تمّ استيراده في العام 2018 إلى 10,219 طنًا بقيمة 965 مليون دولار، وانخفض في العام 2022 إلى 6,173 طنًا بقيمة 343 مليون دولار. ويكون بالتالي قد تراجع في الحجم بمقدار 4,048 طنًا وفي القيمة بمقدار 622 مليون دولار، ما يعني عجز اللّبنانيّين عن شراء الدواء، ومن لديهم القدرة الماليّة يعمدون إلى شراء دواء أقلّ سعرًا. ويكون استيراد الدواء تراجع من حيث الحجم بنسبة 39.6% والقيمة بنسبة 64.4%.

  1. تراجع أعداد المرضى في المستشفيات

أفادت إدارات العديد من المستشفيات اللّبنانيّة بأنّ معدّل أشغال الأسرّة لديها قد انخفض بنسبة تراوحت بين 50% و70%، وذلك لعدم قدرة اللّبنانيّين على تسديد نفقات العلاج بعد تراجع قيمة مساهمات الجهات الحكوميّة الضامنة (تعاونيّة موظفي الدّولة- الضمان الاجتماعي- صناديق التعاضد- الاستشفاء العسكري).

  1. العنف الأسري

خلال السنوات الماضية، كان متوسط عدد ضحايا العنف الأسري 4 سنويًا، وفي العام الحالي (حتى نهاية حزيران الماضي) وصل العدد إلى 6 ضحايا.

  1. الانتحار

سجّلت حالات الانتحار خلال الأشهر الـ 5 الأولى من العام الحالي ارتفاعًا ملحوظًا، إذ وصل عددها وفقًا لتقارير قوى الأمن الدّاخلي إلى 65 حالة مقارنة بـ 48 حالة خلال الفترة ذاتها من العام الماضي أي بارتفاع نسبته 35.5%.

  1. الفقر المدقع

لا توجد إحصاءات دقيقة عن التّوزيع الطبقي للشّعب اللّبناني، ومن خلال عيّنات تمثيليّة، يتبيّن أنّ التركيبة بعد الأزمة أصبحت كما يلي:

- 5% من اللّبنانيّين هم من الأثرياء والأغنياء، ولم تتغيّر نسبتهم عن السابق.            

- 40% منهم ينتمون إلى الطبقة المتوسّطة التي كانت سابقًا 70%.

-  30% منهم، هم من الطبقة الفقيرة التي كانت نسبتها 15%.

- 25% هم المنتمون إلى طبقة الفقر المدقع بعد أن كانت نسبتهم 10%.

ما تقدّم يعني أنّ 55% من اللّبنانيّين هم من الفقراء، وفقًا لمفهوم الفقر المرتبط بمدى القدرة على تأمين الحاجات الغذائية والأساسيّة. أما إذا اعتمدنا مفهوم الفقر المتعدد الأبعاد الذي يعتمده البنك الدولي فإنّ النسبة تصل إلى 85%.

  1. عدد السيارات القديمة

في لبنان عدد كبير من السيّارات يبلغ 1.5 مليون سيّارة، وبعضها من السيّارات الكبيرة، ولكن أكثر من 80% من هذه السيّارات مضى على تاريخ صنعها 10 سنوات أو أكثر، ما يجعلها عرضة للكثير من الأعطال، وهي تسبّب زحمة في السير وارتفاعًا في كلفة الصيانة واستهلاك الوقود، وأيضا ارتفاعًا في نسبة التلوث.

  1. تعويضات نهاية الخدمة

قبل الأزمة، كانت قيمة موجودات صندوق تعويضات نهاية الخدمة نحو 12 ألف مليار ليرة لبنانيّة، ما كان يوازي 8 مليارات دولار، أمّا الآن فقد "ذابت" هذه التعويضات وأصبحت نحو 133 مليون دولار، أي خسرت بنسبة 98.3% من قيمتها. 

اترك تعليقا