سندات اليوروبوند

قصةٌ لم تكتمل

تحوّلت سندات الخزينة اللبنانية بالعملات الأجنبية (اليوروبوند) الشغل الشاغل والهم الأكبر لدى المسؤولين والمواطنين العاديين على حد سواء وانقسموا إلى فريقين:  

• فريق يؤيد دفع هذه السندات مع فوائدها في تاريخ استحقاقها.
• فريق يؤيد خيار عدم الدفع والطلب من الدائنين جدولة الدين إلى سنوات قادمة. وإذا كان الجميع يؤكدون أن الدين العام أصبح مشكلة كبيرة، فإن الدين العام بالعملات الأجنبية هو مشكلة أكبر وتحوّل ما كان "إنجازاً" وفقاً لتقارير مصرف لبنان إلى عبءٍ مالي. فمتى بدأ إصدار هذه السندات وكيف تطوّرت وكم بلغت الفائدة عليها؟

الإصدار الأول

في ظل ارتفاع عجز الموازنة العامة بدءاً من العام 1993 وارتفاع حجم الدين العام وكلفتة نتيجة الفوائد المرتفعة على الاستدانة بالليرة اللبنانية، ارتأت الحكومة الشروع في الاستدانة بالدولار لأن الفائدة هي أدنى، لكن للأمر مخاطرة كبيرة في الاستدانة بعملة أجنبية لا تملك الدولة اللبنانية دخلاً ثابتاً منها. كما أن أي ارتفاع في قيمتها مقابل الليرة سيرفع في حجم الدين العام ويجعل الدولة عاجزة عن السداد. في ظل هذه الرؤية الاقتصادية وبالرغم من التحذيرات من خطورة الإقدام عليها (لا سيما من الرئيسين سليم الحص، وحسين الحسيني، والنائبين نجاح واكيم وزاهر الخطيب) عمدت الحكومة اللبنانية في 14 تشرين الأول 1994 إلى إصدار سندات خزينة بقيمة 400 مليون دولار أميركي لمدة 3 سنوات، واعتبرت الأمر "إنجازاً" ونجاحاً إذ ورد في التقرير السنوي الصادر عن مصرف لبنان للعام 1994 في الصفحة 63 منه النص التالي:

"400 مليون دولار قيمة سندات خزينة أصدرتها الدولة اللبنانية في 14 تشرين الأول 1994 بالدولار الأميركي وتم تسويقها عبر المؤسسات المالية خارج لبنان. وتوزعت هذه السندات إلى ثلاث فئات:

فئة الألف، والعشرة آلاف، والمئة ألف وفترة استحقاقها ثلاث سنوات، وكانت هذه المحاولة الأولى التي تقوم بها دولة عربية تلجأ إلى الاقتراض من الأسواق الدولية بواسطة اليوروبوند (Eurobond). وقد لاقت هذه التجربة نجاحاً مما دفع عدة مؤسسات مالية دولية للاتصال بالمسؤولين اللبنانيين لتسويق دفعة جديدة من السندات". وهذا الأمر رفع الدين العام بالعملات الأجنبية إلى 1,270 مليار ليرة أي ما يوازي 771 مليون دولار وفقاً لسعر الصرف في نهاية العام 1994.

وأورد التقرير السنوي لمصرف لبنان للعام 1995 في الصفحة رقم 54 "أن عملية إصدار سندات الخزينة بالدولار أو اليوروبوند هي الأول من نوعها في الشرق الأوسط وقد لاقت نجاحاً وإقبالاً كبيرين، وبناءً على مصداقية الحكومة اللبنانية التي لم تتخلف يوماً عن دفع التزاماتها تم اختيار الجمهورية اللبنانية عام 1994 Debut Borrower of the year  في التقرير المالي الدولي IFR". وجاء في الصفحة 55 "... هكذا يكون لبنان قد حقّق قفزة نوعية في رفع أجال إصداره الجديد إلى 5 سنوات ولفائدة أقل (9.125% مقابل 10.125% للإصدار القديم) كما أثبت قدرته على المنافسة واقتحام الأسواق المالية العالمية". ويبيّن الجدول رقم 1 أدناه سندات اليوروبوند التي تم إصدارها في الفترة ما بين 1994 و2020.

جدول رقم 1: سندات اليوروبوند التي تم إصدارها (1994- 2020).

المصدر: التقارير الصادرة عن مصرف لبنان.

 سندات اليوروبوند تبعاً للقيمة وسنوات الاستحقاق

على مدى السنوات الماضية استحقت سندات الخزينة بالعملات الأجنبية، فكان يتم تسديدها أو إعادة تجديدها وفقاً لما هو مبيّن في الجدول رقم 2 التالي. أما الفائدة المتوجبة، فقد تصل إلى 43 مليار دولار حتى العام 2036 وتتغير وفقاً للمفاوضات التي ستجريها الحكومة الحالية.

جدول رقم 2: سندات اليوروبوند المستحقة والفائدة المدفوعة (1997-2036).

المصدر: التقارير الصادرة عن مصرف لبنان.