أي عقبات توضع أمام تعيين رئيس مجلس شورى الدولة ؟

أي عقبات توضع أمام تعيين رئيس مجلس شورى الدولة؟

الدرجات الاستثنائية ليست مانعاً لاستيفاء الشروط

 

الدكتور عصام نعمة إسماعيل

مستشار الشؤون الدستورية والإدارية في الدولية للمعلومات

إن شروط تعيين رئيس المجلس شورى الدولة  لم تكن مستقرة حتى بعد صدور نظام مجلس شورى المرعي الإجراء رقم 10434 تاريخ 14/6/1975، بل لقد تمّ تعديل هذه الشروط مراتٍ عديدة، بمقتضى النص المرعي الإجراء بعد تعديله وفق القانون 227 تاريخ 31/5/2000 فإنه:" يعين رئيس مجلس شورى الدولة ومفوض الحكومة بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير العدل من بين رؤساء الغرف الذين هم في إحدى الدرجات الأربع العليا وما فوق أو من بين المستشارين الذين هم في الدرجة الأولى وما فوق.

ويمكن تعيينهما بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير العدل من بين القضاة الذين هم في الدرجة الثانية عشرة وما فوق.

بحسب هذا النص، فإن المشترع وضع اولويتين للتعيين الأولوية الأولى هي من بين رؤساء الغرف والمستشارين الذين هم في الدرجة 12 وما فوق.

ثمّ كخيارٍ ثانٍ يمكن اختيارهما من بين القضاة العدليين من الدرحة الثانية عشر وما فوق. وأنه وبسبب خضوصية مجلس شورى الدولة لا يمكن الجوء إلى الخيار الثاني في حال كان يوجد في المجلس قضاة مؤهلين لتولي مركز رئيس مجلس شورى الدولة أو مفوض الحكومة لدى المجلس. وهذا الأمر لا لبس فيه ولا يحتمل التأويل بدليل أن الفقرة الأخيرة هي المضافة أو المعدلة فقط بموجب القانون 227/2000.

فالثابت الأول أن تعيين رئيس مجلس شورى الدولة يجب أن يكون من بين قضاة هذا المجلس، وهذا أمرٌ بديهي لتمتع هذا المجلس بخصوصية يجعل من الصعب على من يأتي من خارجه أن يلمّ بأصول التنازع الإداري وتشعباته العديدة، وهو أمر معمولٌ به في معظم الإدارات ذات الخصوصية.

وحيث أن النص منذ العام 1975 ثابتاً مستقراً لناحية الخيار الأول المتمثل بالتعيين من بين رؤساء الغرف والمستشارين في المجلس، فإن شروط تعيين رئيس المجلس من خارجه، هي التي كانت محلّ تعديلٍ لأكثر من مرّة.

في النص الأساسي لعام 1975، كان المشترع يجيز تعيينه بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير العدل من بين القضاة العدليين الحائزين على شهادة دكتوراه دولة في القانون العام.

ثمّ جرى تعديل هذا النص بموجب المرسوم الإشتراعي44 تاريخ24/6/1983 وبموجبه أجيز تعيين رئيس مجلس شورى الدولة من بين القضاة العدليين وقضاة ديوان المحاسبة الحائزين على شهادة دكتوراه دولة في القانون العام...  والذين هم في الدرجة السادسة وما  فوق.  وفي العام 2000 صدر القانون رقم 227 المرعي الإجراء وأسقط بالنسبة للقضاة العدليين المرشحين للتعيين رؤساء لمجلس شورى الدولة لشرط حيازة شهادة الدكتوراه. إلا أنه لم يسقط أن خيار التعيين من القضاة العدليين يبقى الاستثناء وليس الخيار الأول.

أما بخصوص احتساب الدرجات التي يجب أن يحوزها المرشح فهي أن يكون في الدرجة 12 وما فوق، وكانت الإشكالية حول احتساب هذه الدرجات وما إذا كان يدخل ضمنها الدرجات الاستثنائية التي ينالها القاضي. قبل العام 2017 لم تكن هذه الإشكالية مثارة، حيث تمّ على أساس هذه الدرجات ملء المراكز الشاغرة واجراء المناقلات القضائية وتعيين القضاة في المراكز الأعلى التي تتطلب درجات معينة، كما حسم مجلس القضايا هذه المسألة حيث اعتبر أن الدرجة الاستثنائية "تندمج في الوضع القانوني الذي يكون فيه الموظف حين استفاد منها ولا تستقل عنه، كما أنها لا تخضع لنظام مستقل ومتميّز عن نظام التدرج العادي"."(قرار مجلس القضايا رقم 493 تاريخ 19/5/2005 القاضي الياس جرجس ناصيف/ الدولة ).

إلى أن صدر القانون رقم ٤٦ تاريخ ٢١/ ٨/ ٢٠١٧ وجاء في المادة 7 منه أنه:"لا تدخل الدرجات الاستثنائية التي تعطى للموظفين بموجب قوانين خاصة، في احتساب الدرجات المطلوبة للترفيع من فئة الى فئة أعلى أو من رتبة الى رتبة اعلى".  وهذا ما دفع البعض إلى البحث فيما إذا كان هذا النص ينطبق على المرشحين لتولي رئاسة مجلس شورى الدولة.

إلا أن هذا النقاش لم يكن جدّياً لسببين: الأول، إن خصوصية ليس فقط السللك القضائي بل أيضاً السلك العسكري تجعل من المتعذّر تطبيق هذا النص على السلكين المذكورين، بسبب  طبيعة الرتب والتسميات الوظيفية المعتمدة في هذين السلكين، ولهذا ليس كل نصٍ يرد فيه مصطلح "موظف"  يمكن أن يسري على كافة العاملين في الإدارات العامة لأيّ سلكٍ انتموا، فطبيعة الوظائف هي التي تحدد جواز تطبيق النص، والواضح أن هذا النص وضِعَ ليطبّق على وظائف الفئتين الثانية والثالثة في الملاك الإداري العام. علماً أنه حتى بدون هذا التعليل فإن هذا القانون بعنوانه والمخاطبين به لا يشمل القضاة، بل إن المادة الثانية من القانون المذكور نصّت صراحة على أنه:" باستثناء القضاة وأفراد الهيئة التعليمية في الجامعة اللبنانية:..."

 أما السبب الثاني فهو أن قانون لاحق حجب  صراحةً مفاعيل هذا النص عن القضاة، فقد نصت المادة ٥٣ من القانون رقم 79 تاريخ 18/4/2018 (موازنة العام ٢٠١٨) صراحة على ان:" تلغى جميع الأحكام العامة والخاصة المتعلقة بالقضاء وبصندوق تعاضد القضاء وصندوق تعاضد الهيئة التعليمية في الجامعة اللبنانية التي وردت في القانون رقم 46 الصادر بتاريخ 21/8/2017، ... ويعاد العمل بالأحكام التي كانت سارية المفعول قبل صدور الأحكام الملغاة بموجب هذه المادة".

وبعد استبعاد تطبيق أحكام القانون 46/ على القضاة، جاءت المادة 54 من هذا القانون لتنصّ على أن:" يعطى القضاة العاملون والمتدرجون والذين نقلوا الى الإدارة بتاريخ نفاذ هذا القانون ثلاث درجات استثنائية".

ولما كانت المادة 7 من القانون 46/2017 هي من الأحكام العامة، فإن القضاة قد أصبحوا خارج نطاق تطبيقها –بقوة القانون- ولم تعد تسري عليهم، وعليه كانت وأصبحت الدرجات الاستثنائية التي نالها القاضي بموجب القانون 79/2018  لها ذات مفاعيل الدرجات العادية وتدخل حتماً في احتساب عدد الدرجات التي يحوزها القضاة لأجل التعيين في المراكز والوظائف القضائية المتنوعة التي حدد القانون عدداً من الدرجات للمرشحين لملئها، وأن من ينتظر التشكيلات القضائية سوف يدرك أن مجلس القضاء الأعلى سيتبنى حتماً هذا التفسير.

اترك تعليقا