اكتشف ثلث لبنان أو أكثر
منذ 11 عاماً ونحن نستطلع وندرس وننشر في مواضيع مختلفة. وقد ركّزنا، في استطلاعات الرأي، على العامل الطائفي والتبعيّة للزعيم، سواء كان هذا الزعيم زعيم طائفة، أو قبيلة، أو قرية، أو حيّ، أو مدينة، أو كان زعيماً متزعّماً لأنه هكذا شاء. وأشرنا أيضاً، وفي مرّات عدّة، إلى التدخّل الأجنبي والعوامل الإقليمية، سواء قهراً، أو دعوة، أو عنوة، أو ممانعة، أو كلّ ذلك مجتمعاً.
وكنا ننوّه أحياناً بحالات ونتائج تشير إلى وجود فئات في لبنان تمانع نظامه السياسي، سواء في تأييدها للزواج المدني أو في نظرتها إلى رجال السياسة والدين. وقد ورد في مقال لي بعنوان «الفئات الثلاث»، نشر في جريدة النهار في 3 آب 2002، «كان قد تنبّأ فور انتهاء الحرب الأهلية بمجتمع مكوّن من فئتين: مستفيدون متسلّطون، وفقراء مستضعفون. المتسلّطون يقتسمون الغنائم عبر سنّهم قوانين ومراسيم تخدم مصالحهم الذاتية، ومخالفتهم لما لا يحقّق هذه الغاية. أما الفقراء المستضعفون فلهم الهجرة والعوز والجريمة. لهم أن يقتتلوا كل فترة من الزمن وأن يصنّفوا في الولادة وفي الزواج وفي الموت مذاهب وأديان خارجة على الله والإنسان!» ثم عاد ليكتشف أن نظريّته حول الفئتين ناقصة... إذ أن هناك من ليسوا متسلّطين ولا مستضعفين...« إنها الفئة الثالثة المعطّلة الحركة الكبيرة الأحلام...»
وفي العدد رقم 44 من الشهرية الصادر في أيار-حزيران 2007، وبعنوان «الثلث الضامن الضائع»، ورد:
«إنه الثلث الضائع الذي لو توفّر له إعلام مستقلّ، لأصبح حدثاً، ولو توفّر له قادة، لشكّل حالة تغيير في البلد. إنه الثلث الضائع الذي لا يلهث وراء الخارج ووراء زعماء الطوائف لمواجهة التحدّيات... هذا الثلث الذي لا تراه الموالاة ولا تلحظه المعارضة هو الثلث الضامن لهذا البلد».
واليوم نستطيع أن نؤكّد أيضاً، وبدرجة عالية من الثقة، أن نحو ثلث اللبنانيين وبنسب متساوية تقريباً من جميع الطوائف (باستثناء الدروز)، لا يعترفون برئيس تنتخبه المعارضة أو الموالاة في حال المواجهة بينهما.
قد لا يملك هذا الثلث «رؤية» لبناء الدولة وهو لا يدّعي ذلك طبعاً، كما يفعل بعض مرشّحي الرئاسة ورؤساء الأحزاب. وقد لا يفقه بالعلاقات الدولية والشرعية الدولية وهو لا يدّعي ذلك أيضاً، لكن يبدو أنه يعلم علم اليقين أن النظام السياسي في لبنان يؤدّي إلى كوارث، ويبدو أن لديه ذاكرة.
ما هي العوامل إذاً التي تكوّن هذا الثلث الضامن الضائع؟ ولماذا هو ضائع أو ضعيف؟ وهل هو مستقلّ؟ لولا القيود والقهر، هل كان يمكن أن يكون أكبر من الثلث وأقوى من الضياع؟
وما دمنا أصبحنا نتحدّث بـ «المليون»، هل كان عدده سيفوق «المليون» لو توافر له أقلّ بكثير مما توافر لغيره؟
هذا ما نأمل في الإجابة عنه في المستقبل.
جواد عدره
اترك تعليقا