استنزاف الموارد

عرضنا في الأعداد رقم 32 و33 و34 ثلاث حلقات من مقالة جواد عدره «الحالة اللبنانية». تحدّثت الحلقة الثالثة عن نظام استنباط السبل والتدابير. نستكمل في هذا العدد مع الحلقة الرابعة حول استنزاف الموارد.

 

الحلقة الرابعة  (4/6)

بعد مرور 17 سنة على اتفاق الطائف، شهد لبنان خلالها ارتقاء رئيسين للجمهورية، وستة رؤساء للحكومة، وتشكيل 12 حكومة ضمّت 234 وزيراً، لا يزال النظام على حاله لكن مقابل ثمن باهظ للغاية، كالعنف، والهجرة...

أ. مسلسل العنف

منذ استقلال لبنان وهذا البلد يتخبّط في حلقة مفرغة من العنف كما هو مبيّن أدناه. قد يكون اللاعبون هم المتغيّر الوحيد في بعض الحالات، كما يظهر في الرسم 1 أدناه.

 

الرسم 1: مسلسل العنف والأزمات

لقد أُثقل كاهل لبنان بأعباء مسلسل العنف والأزمات هذا. فكان ثمن الحرب الأهلية (1975-1990) على سبيل المثال كالآتي:

-        قدّر عدد القتلى بنحو 170-200 ألف قتيل.

-        قدّر عدد الجرحى بـ 300 ألف، منهم نحو 50 ألف إعاقة جزئيّة و12 ألف إعاقة تامة.

-        قدّر عدد المفقودين بعشرات الآلاف.

-        أكثر من مليون مهجّر، واستمرّ نحو نصفهم مهجّراً حتى العام 1992.

-        هجرة كبيرة اختلفت التقديرات بشأنها لكنها تجاوزت نصف مليون مواطن.

-        انهيار قيمة الليرة مقابل العملات الأجنبية حيث وصل سعر صرف الدولار مقابل الليرة إلى 3,000 ليرة في العام 1992.

-        نسبة تضخّم بلغت نحو 65%.

-        تراكم عجز الموازنة العامة ممّا ولّد ديناً عاماً بلغ نحو 35 مليار دولار.

-        خسائر ماديّة تجاوزت 30 مليار دولار: دمار كامل لأكثر من 10 آلاف وحدة سكنية؛ دمار جزئي لنحو 30,000 وحدة سكنية؛ تضرّر نحو 100 ألف وحدة سكنية أخرى؛ وتضرّر نحو 13,400 محلّ ومكتب.

-        احتراق وتلف أكثر من 40 ألف سيارة وإصابة 70 ألف بأضرار متفاوتة.

-        تقلّص المساحة الحرجية من 11% إلى 6%.

-        التعدّي على الأملاك العامة، بما فيها الأملاك البحرية، وخسارة مليارات الدولارات نتيجة لذلك.

 

ب. الهجرة وهجرة الأدمغة

لقد شكّلت الهجرة سمة أساسية من سمات لبنان الحديث. ما من إحصائيات رسمية حول عدد المهاجرين اللبنانيين. فالدراسات المتوفّرة، مثل دراسة الدكتور رياض طبّارة، تقدّر عدد المهاجرين بنحو 100 ألف سنوياً خلال السنوات الأخيرة، في حين قدّرت دراسة أخرى أجراها الدكتور أنيس أبي فرح أن هذا العدد قد بلغ 2,325,131 في الفترة ما بين 1990-2000. غير أنّ الدراسة التي قامت بها «الدولية للمعلومات» قدّرت عدد المهاجرين بين العامين 1991 و2001 بنحو 200 ألف مواطن. وقد بيّنت الدراسة أن 82.6% من المهاجرين تتراوح أعمارهم بين 20 و44 عاماً، وأن أكثر من نصفهم هم من الخريجين الجامعيين. من عواقب ارتفاع معدّل هجرة الشباب على المدى الطويل تحوّل لبنان إلى مجتمع هرم(1) وأقل إنتاجية.

 

ج. النفقات المالية والدين العام

بلغت قيمة الإنفاق العام 77.42 مليار دولار في الفترة الممتدّة بين 1992 و2004. تمثّل فوائد الدين العام نسبة 35%، تليها نسبة الرواتب والتعويضات (23%)، ثم النفقات التشغيلية (16%). يجسّد الرسم البياني 2 توزيع النفقات خلال الفترة 1992-2004.

 

بلغت قيمة الدين العام 54,122* مليار ليرة لبنانية، تضاف إليه الهبات والقروض التي تسلّمتها الحكومة والتي تبلغ قيمتها 6,300 مليون دولار، ومستحقّات الحكومات لكلّ من القطاعين العام والخاص التي تبلغ قيمتها 4,659 مليار ليرة لبنانية. فتصل بذلك القيمة الإجمالية للدين العام إلى 68,231 مليار ليرة لبنانية، أي 241% من الناتج المحلي الإجمالي مع 80% نسبة فوائد أو 28,180 مليون دولار أميركي(2).

في العدد القادم الحلقة الخامسة: أمثلة عن الهدر والفساد

 

(1) النهار 2001 ص.12 عدد 26-27 تشرين الثاني

الدولية للمعلومات دراسة من واقع هجرة اللبنانيين

(2) أعدتها الدولية للمعلومات من الموازنة الرسمية

* 1 دولار أميركي = 1,508 ليرة لبنانية

اترك تعليقا