مجلس الشيوخ في لبنان نص دستوري يصعب تطبيقه

يطفو، بين الحين والآخر، على سطح المناقشات السياسية والقانونية والإعلامية موضوع إنشاء مجلس للشيوخ وذلك تحقيقاً لما نصت عليه اتفاقية الطائف وتكرس نصاً دستورياً. لكن سرعان ما يخبو النقاش «وينام» نومة أهل الكهف، ليعود ويصحو بعد فترة. وهذا ما حصل في جلسة الحوار الوطني التي عقدت في مقر رئيس مجلس النواب في عين التينة في بداية شهر آب 2016، حيث تم «نبش» موضوع إنشاء مجلس الشيوخ لكن شيئاً عملياً لم يتحقق وغاب الموضوع عن النقاشات في الأيام والأسابيع اللاحقة. 

فما هي الخلفيات التاريخية والسياسية والدستورية لإنشاء مجلس الشيوخ في لبنان؟ 

تاريخياً

بعد إعلان دولة لبنان الكبير في العام 1920 وإقرار الدستور 23 أيار 1926 وبدء الحياة البرلمانية اعتمد لبنان نظام المجلسين أي مجلس للنواب ومجلس للشيوخ.

فقد نصت المادة 22 من الدستور الصادر في العام 1926 «على إنشاء مجلس للشيوخ مؤلف من 16 عضواً يعين رئيس الحكومة سبعة منهم بعد استطلاع رأي الوزراء وينتخب الباقون وتكون مدة ولاية  عضو مجلس الشيوخ ست سنوات ويمكن أن يعاد انتخاب الشيوخ الذين انتهت مدة ولايتهم وأن يجدد تعيينهم على التوالي». 

«ونصت المادة 98»: تسهيلاً لوضع هذا الدستور موضع الإجراء في الحال، وتأميناً لتنفيذه بتمامه، يعطي لفخامة المفوض السامي للجمهورية الفرنسوية الحق بتعيين مجلس الشيوخ الأول المؤلف وفقاً لأحكام المادة 22 و96 إلى مدى لا يتجاوز سنة 1928». 

وتبعاً للمادة 96 القديمة توزعت كراسي المجلس على الطوائف: 
5 موارنة- 3 سنة- 3 شيعة- 2 أرثوذكس- 1 كاثوليك- 1 درزي- 1 أقليات.
وعين المفوض السامي الفرنسي دوجوفينل الأعضاء بموجب قرار رقم 305 في العام 1926. 

وحدَّدت المادة 23 القديمة شروط العضوية: بأن يكون عضو مجلس الشيوخ لبنانياً بالغاً من السن خمساً وثلاثين سنة كاملة. ولا يشترط في صحة انتخابه أو تعينيه عضواً في مجلس الشيوخ أن يكون مقيماً في لبنان الكبير في موعد الانتخاب، وسيوضع قانون خاص تعين بموجبه مناطق الانتخاب وأهلية المنتخبين وكيفية انتخابهم». 

ومن صلاحية المجلس وفقاً لنص المادة 19 القديمة «في الأصل لا ينشر قانون إلا بعد أن يقره المجلسان (أي النواب والشيوخ) على ان القوانين التي تقدمها الحكومة ويصدقها مجلس النواب أو يشرعها مجلس النواب ويقرها بالاتفاق مع الحكومة لا تطرح على مجلس الشيوخ إلا بناء على طلبه. 

إن القوانين المذكورة تبلغ مجلس الشيوخ فإذا شاء هذا المجلس أن يضعها قيد البحث وجب عليه ان يعلم الحكومة برغبته في خلال ثمانية أيام، حتى اذا انقضت هذه المهلة ولم يفعل، حسب موافقاً عليها.

وفي أول تعديل للدستور اللبناني حصل في 17 تشرين الأول 1927 تم إلغاء مجلس الشيوخ بحيث أناط السلطة المشترعة بهيئة واحدة هي مجلس النواب بدلاً من هيئتين وهما مجلس الشيوخ ومجلس النواب. 

مجلس الشيوخ في الطائف

استحوذ إنشاء مجلس للشيوخ على حيز كبير من المناقشات التي جرت في مدينة الطائف السعودية ونصت الوثيقة الختامية للطائف على: 
«مع انتخاب أول مجلس نواب على أساس وطني لا طائفي يستحدث مجلس للشيوخ تتمثل فيه جميع العائلات الروحية وتنحصر صلاحياته في القضايا المصيرية». 

ويقول بعض النواب الذين شاركوا في اجتماعات الطائف إن رئاسة هذا المجلس معقودة للطائفة الدرزية، في حين ينفي أخرون الأمر، مبررين ذلك أنه مع إنشاء مجلس للشيوخ لا تنحصر اية من الرئاسة بأي طائفة وبالتالي لا يمكن حصر رئاسة هذا المجلس بطائفة بعينها.

مجلس الشيوخ في الدستور

تم تعديل الدستور في 21 أيلول 1990 بموجب اتفاقية الطائف وتم إدراج النص الوارد في اتفاقية الطائف في نص المادة 22 من الدستور. أي أن الدستور نص منذ أكثر من 26 عاماً على إنشاء هذا المجلس لكنه لم يبصر النور لعدة اعتبارات سياسية وطائفية ودستورية تطرح أسئلة لا تتوفر عليها إجابات قاطعة منها: 

ما هي القضايا المصيرية المناطة بالمجلس؟ وقد اعتبر بعض النواب الذين شاركوا في اجتماعات الطائف ان هذه القضايا هي القضايا التي توجب موافقة ثلثي عدد أعضاء الحكومة المحدد في مرسوم تشكيلها والتي حددتها المادة 65 من الدستور وتشمل: تعديل الدستور - إعلان حالة الطوارئ وإلغاءها - الحرب والسلم - التعبئة العامة - الاتفاقات والمعاهدات الدولية - الموازنة العامة - الخطط الإنمائية الشاملة والطويلة المدى - إعادة النظر في التقسيم الإداري - حل مجلس النواب - قانون الانتخابات - قانون الجنسية - قوانين الأحوال الشخصية - إقالة الوزراء. 
هذا ما يدفعنا إلى طرح الأسئلة التالية:

كم هو عدد أعضاء مجلس الشيوخ؟
ما هو نظام الانتخاب الذي سيعتمد؟ 
كم ستبلغ ميزانية المجلس؟

هل تشكل الصلاحيات المعطاة للمجلس انتقاصاً أو حداً من صلاحيات مجلس النواب، وبالتالي في ظل النظام الطائفي الحالي يعتبر الشيعة أن أي انتقاص من دور مجلس النواب هو انتقاص من دورهم كطائفة قد لا يقبلون به. 

مجلس معلق 
ان ربط إنشاء مجلس الشيوخ بانتخاب مجلس نواب على أساس وطني لا طائفي يعني استحالة إنشائه لأن الممارسة السياسية والطائفية منذ تطبيق الطائف زادت حدة واتسع نطاقها وبالتالي فان الغاء الطائفة في مجلس النواب يبدو أمراً صعباً لا بل مستحيلاً هذا ما يجعل من إنشاء مجلس الشيوخ أمراً متعذراً. إلا في حالة واحدة وهي تعديل الدستور والنص بإنشاء مجلس الشيوخ  مع الإبقاء على انتخاب مجلس النواب على أساس طائفي وعندها ما هو مبرر إنشاء مجلسين طائفيين. ويكون مجلس الشيوخ إضافة  وتخمة جديدة في المؤسسات الحكومية.

أعضاء مجلس الشيوخ في لبنان (أيار 1926 - تشرين الأول 1927)

الاسم الطائفة
أيوب تابت أقليات
إبراهيم حيدر  شيعي (عزل وعين مكانه احمد الحسيني)
البير قشوع  ماروني
الشيخ محمد الجسر  سني (انتخب رئيساً للمجلس في أول جلسة عقدها في 25 أيار 1926) 
الشيخ محمد الكستي سني 
اميل اده  ماروني 
حسين الزين  شيعي
نخلة تويني روم أرثوذكس
جبران نحاس  روم أرثوذكس
عبدالله بيهم  سني 
سليم نجار  روم أرثوذكس
سامي ارسلان  درزي
حبيب باشا السعد ماروني 
يوسف نمور  ماروني (توفي في العام 1926 وعين مكانه بشارة الخوري)
يوسف اسطفان ماروني 
فضل فضل سني 

اترك تعليقا