اضطراب الفُصام بين الوهم والحقيقة
الوهم:
الفصام اضطراب نفسي يُظهِر المصابون به أعراضًا تتمثّل بانفصام أو تعدّد في الشخصية. يميل مرضى الفصام إلى فقدان السيطرة على سلوكهم، الأمر الذي يجعل منهم مصدر خطر للمحيطين بهم.
الحقيقة:
يشوب الكثير من الغموض هذا الاضطراب الذي ينبغي الاعتراف به لما هو عليه في الحقيقة، أي حالة ذهنية تتسّم بصعوبات في تنظيم الأفكار، تركيز الانتباه وتنشيط الذاكرة. يمكن لهذه الحالة أن تثير هلوسات وارتياباً وأوهاماً تسلخ المريض عن محيطه. يتطور هذا المرض بصورة مرحلية وتعدّ مراحله الأولى الفترة الأمثل للتدخل. لكنّ المعرفة التقليدية الرائجة، إلى جانب عوامل أخرى، جعلت من الفصام مرادفًا لأعراض أخرى. بيّنت إحدى الدراسات التي أجراها الاتحاد الوطني للصحة النفسية أن 85% من الأميركيين يقرّون بالفصام كاضطراب نفسي في حين أنّ 64% يعتقدون أنّه يعني انفصاماً في الشخصية أو يعجزون عن تحديد أعراضه. ومن المغالطات الأخرى التي يتمسّك بها البعض الاعتقاد بأنّه مرض لا يشفى منه، وبأنّ جميع المرضى يتأثرون به بالطريقة ذاتها وليس بمقدورهم تولي وظائف عالية المستوى.
والواقع أن هذه الاعتقادات الخاطئة ظلّت مترسّخة لأنّ قلّة من الناس تبقى على تواصل مستمر مع مرضى الفصام لفترة طويلة، ناهيك عن أن القوالب النمطية التي يعزّزها الإعلام تزيد من الوصمة الاجتماعية تجاه المرضى وتجعل المشاهدين أقلّ تعاطفًا مع معاناتهم، إذ غالبًا ما يُصوّر المصابين ضمن إطارٍ سلبي ويتمّ إقرانهم ببعض الصفات كالعنف والخطر. في المقلب الآخر، يقابل ذلك عدد محدود من القصص التي تظهر الناس يتعاملون بإيجابية أو تظهر المصابين على درب التعافي. وقد نجحت إحدى الدراسات التي شملت وثائقيًا أظهر المراحل والظروف المختلفة للاضطراب لعدد من الناس في تغيير مواقفهم السلبية تجاه المرضى، فعبّر هؤلاء عن استعدادهم للتفاعل مع المرضى وتمكنّوا من إدراك الاضطراب على أنّه أقلّ خطرًا.
في الواقع، يتّسم هذا الاضطراب بالكثير من التباين فهو يصيب الأشخاص بصور مختلفة وبدرجات مختلفة. هو ليس اضطراباً مزمنًا، وعلى الرغم من عدم إمكانية الشفاء منه نهائيًا، إلا أنه قابل للمعالجة ويمكن التحكم به. ويفيد هاردينغ وزاهنايزر أن المصابين ليسوا قادرين على التأدية على مختلف المستويات المهنية فحسب، لا بل يمكن أيضًا لمحيط العمل أن يترك أثرًا علاجيًا عليهم. وقد بيّنت دراسة تناولت 130 مصابًا على مرّ عشر سنوات أنّ 62.7% من المصابين قادرون على التحكّم بالأعراض من جديد وأن 56.8% قادرون على العيش باستقلالية و41.4% باستطاعتهم نيل الوظائف والمنافسة مهنيًا.
لا زالت الوصمة النفسية تشكّل تهديدًا جمًّا للمصابين فهي لا تؤثر على تصوّرات الناس فحسب بل تحطّم ثقة المريض بنفسه وتثنيه عن طلب العلاج. لذلك، ينبغي على الإعلام والأوساط العامّة عدم المساهمة في مفاقمة الأعراض وإنّما المباشرة بالتفكير في كيفية سدّ الثغرات وتعزيز العلاقة بين المرضى ومحيطهم.
اترك تعليقا