عبقرية مرضى التوحّد بين الوهم والحقيقة
على الرغم من أنّ ذلك قد ينطبق على نسبة صغيرة من الحالات، من المهم تسليط الضوء على هذا الانطباع المغالط عن مرضى التوحّد لأن معظمهم يفتقر إلى الذاكرة التصويرية وإلى المهارات الرياضية.
التوحّد هو خللٌ في النمو يستمر إلى مدى الحياة ويعيق قدرة المرء على التعلّم وعلى التفاعل الاجتماعي. وكونه اضطراباً له نطاق وطيف من الأعراض- أي أنّه يصيب الأشخاص بدرجات وأشكال متفاوتة- فإن الأعراض تختلف بين شخصٍ وآخر ولا يمكن نسب صفات مشتركة لكافّة المصابين. هذا النطاق أو الطيف من الأعراض يعني أنّ حياة البعض قد تتأثّر بعض الشي بهذا المرض أمّا البعض الآخر فقد تتعطّل حياته ما يستدعي مساعدة مستمرّة.
الأمر سيّان بالنسبة للقدرة على التعلّم. نعم، قد تتمتّع قلّة قليلة من المصابين بالنبوغ وقد يكون لديها مهارات استثنائية في إحدى المجالات كمجال الرياضيات أو الموسيقى على سبيل المثال، لكن ما من معلومات يعوّل عليها حول نسبة المصابين النوابغ، والواقع أنّ بعض المصادر تقدّر أنّ نسبة هؤلاء تترواح بين 1% إلى 5%، وهي نسبة ضئيلة جدّاً. في المقابل، تعاني شريحة كبيرة من المصابين من صعوبات في التعلّم فمعظم الأطفال المصابين بالتوحد يجدون صعوبة في اكتساب المعرفة والمهارات والعديد منهم لديهم مشكلة في الالتحاق بسواهم في المدرسة. بالإضافة إلى ذلك، يواجه الأطفال المصابون بالتوحّد عموماً تحديات على مستوى اللغة والتواصل وقد يظهر بعضهم معدّلات منخفضة من الذكاء. أمّا البعض الآخر فقد يتمتّع بقدرات أفضل على التعلّم لكنّه قد يجد صعوبة في تطبيق ما اكتسبه من معرفة في حياته اليومية أو في المواقف الاجتماعية.
إلى جانب النسبة الضئيلة من المصابين الذين يبرزون مهارات استثنائية، قد يطوّر بعض المصابين اهتماماً شديدًا بموضوعٍ معيّن يدفع بهم إلى الاستحصال على المزيد من المعلومات والمعرفة حوله. من هنا، فإنّه من السهل على الأشخاص المغالطة في تفسير قدرات المصاب بالتوحّد.
كما هي حال العديد من الاضطرابات العقلية والنفسية، يشاع الكثير من الاعتقادات الخاطئة حول التوحّد. لذلك لا بدّ من نشر التوعية حول الأعراض الحقيقية لهذه الاضطرابات لأن التصورات الخاطئة لن تترك سوى تأثير محبط على حياة الأشخاص المصابين بها، فالانطباعات الخاطئة قد تعزل المصابين وتثنيهم عن الاعتراف بأهمية الانفتاح وطلب النجدة.
اترك تعليقا