كيف تفكر القاعدة (6) - التربية وإتخاذ المجاهدين قدوة سبيل إرتقاء الأمّة الإسلامية
إخلاء مسؤولية: إنّ الآراء المعبّر عنها أدناه تمثّل وجهة نظر صاحبها ولا تعبّر بالضرورة عن سياسات أو وجهات نظر المجلّة.
 
أساليب التربية:
1- التربية بالموعظة
 -   أعظم العظات التي بثها الرسول عليه الصلاة والسلام في أصحابه كانت من كتاب الله سبحانه وتعالى، البعض يجعل ذلك أسلوباً مستقلاً ويطلق عليه (التربية بالقرآن).

-    ومما يدخل في (التربية بالموعظة) كذلك (التربية بالقصة) ومن القصص التي قصها رسول الله على أصحابه قصة الغلام والراهب، وقصة الثلاثة الذين حبستهم الصخرة بالكهف وغيرها فضلاً عن القصص التي ساقها القرآن الكريم.

-    ومما يدخل في (التربية بالموعظة) كذلك (التربية بضرب المثل)، ومن الأمثال التي ضربها الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه ما جاء في الحديث الشريف “مثل المؤمنين في توادهم...” إلى آخر الحديث، وغيرها من الأمثال فضلاً عن الأمثال التي ضربت للمؤمنين في القرآن.
2- التربية بالعادة
المقصود بها تعويد الأفراد على السلوك المراد تربيتهم عليه حتى وان لم يتذوقوه كاملاً في البداية، كما جاء الشرع بتعويد الصبيان على الصلاة والعبادة، وهذا الأسلوب لا يقتصر على الصغار، فإن القائد والمربي يمكن أن يمارسه مع الكبار كذلك، بل كان بعض السلف يربون أنفسهم به.
 
3- التربية بالطاعة
رغم أن فعل الطاعات كالصلاة والصيام وبذل الصدقات يعتبر نتيجة وهدفاً للأساليب السابقة إلا أنها أسلوب مثالي للارتقاء بالنفس البشرية.
 
4- التربية بالقدوة
إن رؤية النماذج البشرية المستجيبة لأوامر الله مهما كلفها ذلك، والتي تبذل الغالي والنفيس من أجل دين الله، تعتبر من أهم الوسائل في رفع مستوى الأفراد.

وقد كان رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم أصحابه في زمنه ومن بعده أفضل القدوات لأمتهم وللناس في عهدهم، بل وأفضل القدوات للناس في كل العصور، حتى إن قادة الجيوش كانوا يطلبون مدداً كبيراً من الخليفة فيرسل لهم عدداً لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة من صحابة رسول الله صلى الله عليه و سلم مع رسالة أن الواحد منهم بألف معدداً أعماله ومناقبه، وما أن ينتشر بين صفوف الجيش- وأغلبيتهم من سكان البلدان المفتوحة - سيرة هؤلاء حتى تدب في الصفوف روح جديدة من الإقبال على الطاعات بصفة عامة وطاعة الجهاد بصفة خاصة، وتقديم الغالي والنفيس في سبيل ذلك، وما كان ذلك إلا بسبب وجود هؤلاء القدوات بين الصفوف، لذلك عندما يوجد بين صفوفنا رجال يبذلون الغالي والنفيس استجابة لأوامر الله - كل أوامر الله 
-سيكون هؤلاء أفضل طريق للأرتقاء بصف الحركة المؤمنة وخاصة حديثي العهد بالعمل الإسلامي.  

وبمناسبة ذلك كنت أتعجب من شبهة منتشرة بين عدد من فصائل الحركة الإسلامية- وإن كان مصدرها قيادات حركة الإخوان إلا أنها الآن تم نقل عدواها بين أكثر من اتجاه- تقول الشبهة: (أننا نعمل الآن ولا نحتاج لمشاكل وجهاد وإنما نعد لجيل الجهاد الذين هم أبناؤنا وأحفادنا ...). 

ونطرح على مبتدع تلك الشبهة ومقلديه- الفار من تنفيذ الأوامر الشرعية- هذا السؤال: 

أين النماذج البشرية الحية التي سيتخذها هؤلاء الأبناء قدوة؟ فأنتم قدوة أبنائكم وان قعدتم قعدوا، وسيمارسون الجهاد في صورة (النضال التنموي) وسيتركون القتال كآبائهم. 
 
5- التربية بالأحداث
إن المواقف التي تمر بالأفراد من أكبر المؤثرات لتشكيل وجدانهم، عندما يكون يومك وحياتك هما سلسلة من المواقف العظيمة  التي تتخذها أمام فتنة الغير- فتنة الولد والمال والزوجة والعدو، عندما ترتبط كل هذه المواقف على خصوصيتها بأحداث ضخمة تخطف اللب وتجعلك دائماً في صراع مع نفسك خشية السقوط او تأنيباً لزلة أو سقطة وقعت فيها، واستشعارك بارتباط كل جزء فيها بالآخر، فما من زلة مع النفس أو المال ونحو ذلك إلا وتؤثر وقد تسبب في زلة وكبوة أمام العدو. 

فالأحداث والابتلاءات (المصائب) والفتن التي واجهها الأصحاب منذ أول يوم دخلوا فيه الإسلام، والقدوات والنماذج الحية العملية التي ثبتت أمام تلك الأهوال هي التي أخرجت لنا هذا الجيل الفريد، إن أثر الطاعات والعبادات التقليدية وأثر المواعظ  بل وأثر القرآن تضاعف أثرها إضعافاً مضاعفة في الارتقاء بالأفراد في وجود هذين الأسلوبين.  
لذلك ينبغي علينا تعليم الناس أثناء الحركة، واستغلال كل حدث لربط الناس بالعبودية والطاعة واللجوء إلى الله سبحانه وتعالى. 

ترى لو نزلت الآية “يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون”.
''كيف لا يستجيبون وهم يرون بأعينهم آيات الله في القتال تتنزل وتمتنع إن هم خالفوا أمره فلن يرفع البلاء الا الاستجابة لأوامر الله''
لو نزلت هذه على الأصحاب وهم في غرفة مغلقة أو جلوس داخل المسجد...؟ هل كان تأثيرها والاستجابة لها يكون مثل الاستجابة عندما نزلت على الأصحاب في غزوة بدر، كيف لا يستجيبون وهم يرون بأعينهم آيات الله في القتال تتنزل وتمتنع إن هم خالفوا أمره فلن يرفع البلاء الا الاستجابة لأوامر الله، ومع كون الآية تقصد الجهاد كما جاء في التفسير الا أنها عامة في أهمية الاستجابة لكل أوامر الله ففيها الحياة، ترى لو نزلت آية تحريم الخمر أو آية وجوب الحجاب في غير جو  المحنة والأهوال التي كانت تحيط بالمؤمنين  ما مقدار الاستجابة؟ 

ورحم الله سيد قطب فهو القائل: “إن هذا القرآن لا يكشف أسراره إلا الذين يخوضون به المعارك والذين يعيشون في الجو الذي تتنزل فيه أول مرة”، لذلك تنبه علماء السلف وأهل النظر الثاقب من المعاصرين الى هذه القضية فهذا شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله- يقول: (من كان كثير الذنوب فأعظم دوائه الجهاد...) وهذا شيخ الإسلام ابن القيم يجعل من يواظب على القيام والصيام والقراءة والذكر- وكل ما هو غاية أصحاب التربية الهادئة- ويعطل الجهاد والصدع بالحق من موتى القلوب  وممن يمقتهم الله نسأل الله العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة.  

اترك تعليقا