شهر تموز - قوات الردع العربية بدأت عربية من عدة دول وانتهت سورية
ظروف إنشائها
اندلعت الحرب اللبنانية في العام 1975 وأخذت أبعاداً عربية ودولية بفعل الوجود الفلسطيني المسلح ودخوله في الحرب وكذلك التدخل العسكري السوري. لمنع الفلسطينيين من تحقيق المزيد من السيطرة والنفوذ فوقف السوريون بداية إلى جانب حزبي الكتائب والأحرار في وجه الفلسطينيين، واعتبر الفلسطينيون وحلفاءهم اللبنانيون لاسيما كمال جنبلاط أن ما يحصل هو حرب إبادة سورية وطالبوا بالتدخل العربي لاسيما من مصر وجامعة الدول العربية لوقف القوات السورية.
حصلت تحركات عربية فعقد وزراء الخارجية العرب اجتماعات عدة في القاهرة في شهر تموز 1976 كانت إحدى ثمارها تشكيل لجنة ضمت ممثلين عن كل من لبنان وسورية ومصر وتونس ومنطقة التحرير الفلسطينية، وعدلت لاحقاً فحلت ليبيا والسعودية مكان مصر وتونس وهدف اللجنة صياغة مشروع اتفاق لإنهاء النزاع اللبناني. وكان محور البحث هو كيفية تحقيق الانسحاب السوري من لبنان وإعطاء ضمانة عربية للفلسطينيين وحلفائهم اللبنانيين وإجراء مصالحة سورية - فلسطينية.
وفي الاجتماع الذي عقد يوم الثلاثاء في 13 تموز 1976 توصل وزراء الخارجية العرب إلى الاتفاق على التالي:
-
التأكيد على وقف إطلاق النار والالتزام به واحترامه.
-
الترحيب بما أبداه وفدا سورية ومنظمة التحرير الفلسطينية من رغبة في البدء فوراً في العمل من أجل إعادة العلاقات بينهما إلى مجراها الطبيعي.
-
التأكيد على تعزيز قوة الأمن العربية ودعمها بالوحدات والمعدات والتسليح اللازم لتامين مهماتها وتحركاتها.
-
تقديم ونقل مواد الوقود والأدوية والمواد الغذائية من جميع الدول العربية إلى المتضررين في لبنان.
بدأ تعزيز قوة السلام العربية التي كانت برئاسة اللواء محمد حسن غنيم وأخذت بالانتشار بدءاً من يوم الأربعاء في 21 تموز 1976، في منطقة محايدة بين بيروت الشرقية وبيروت الغربية. هذه القوة المحدودة شكلت نواة “لقوة الردع العربية” فاستمرار المعارك في كل المناطق دفع إلى انعقاد مؤتمر قمة عربي سداسي في العاصمة السعودية الرياض حضرته كل من:
-
لبنان (وكان الرئيس الياس سركيس قد تولى مهمة خلفاً للرئيس سليمان فرنجية) السعودية، الكويت، سورية، مصر ومنظمة التحرير الفلسطينية وقد نص بيان القمة على:
-
تعزيز قوات الأمن العربية الحالية لتصبح قوة ردع تعمل داخل لبنان تحت أمرة رئيس الجمهورية اللبنانية شخصياً، وعلى أن يكون عديدها في حدود 30 ألف جندي وتكون مهامها الأساسية:
-
-
فرض الالتزام بوقف إطلاق النار وردع أي مخالف.
-
حفظ الأمن الداخلي
-
الإشراف على سحب المسلحين إلى الأماكن التي كانوا بها قبل 13-4-1975.
-
تطبيق اتفاق القاهرة.
-
الإشراف على جمع السلاح الثقيل.
-
مساعدة السلطة اللبنانية عند الاقتضاء على تسلم المرافق والمؤسسات العامة.
-
إعلان وقف إطلاق النار وإنهاء الاقتتال في كل الأراضي اللبنانية من قبل جميع الأطراف في صورة نهائية اعتباراً من يوم 21-10-1976 الساعة السادسة صباحاً.
-
وضع نقاط مراقبة من قوة الأمن الرادعة بعد إنشاء مناطق عازلة في الأماكن المتوترة.
-
سحب المسلحين وجمع الأسلحة الثقيلة وإزالة المظاهر المسلحة وفقاً لجدول زمني محدد.
-
يتم تنفيذ اتفاق القاهرة وملاحقه كمرحلة ثانية لاسيما لجهة وجود الأسلحة والذخائر في المخيمات ولجهة خروج القوات الفلسطينية المسلحة التي دخلت بعد بدء الإحداث وتأكيد منظمة التحرير الفلسطينية عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي بلد عربي.
-
ولاحقاً في 25 تشرين الأول عقد مؤتمر قمة عربي في القاهرة تبنى مقررات قمة الرياض.
تشكيل القوة
استحوذ تشكيل قوة الردع العربية على حيز كبير من النقاش في ظل رغبة منظمة التحرير الفلسطينية باشتراك قوات من دول عربية فيها لاسيما من مصر لمنع سورية من الاستفراد بالوضع، لكن مصر فضلت عدم المشاركة وبالتالي كان العدد الأكبر من قوات الردع من الجيش السوري الذي سبق ودخل لبنان. إذ وصل عددهم إلى نحو 27 ألف جندي سوري مقابل نحو 3 آلاف من الدول الأخرى.
-
السعودية: 700 جندي
-
الإمارات: 700 جندي
-
السودان: 700 جندي
-
اليمن: 700 جندي
وفي 1-11-1976 أقدم الرئيس الياس سركيس على تعيين العقيد أحمد الحاج (أحد الضباط الشهابيين الذين رافقوا الرئيس فؤاد شهاب) قائداً لقوات الردع العربية.
الانتشار
وبدأت القوات بالانتشار وحصلت إشكالات بين القوات السورية (ضمن قوات الردع) والأحزاب والمليشيات المسيحية أثناء تمركزها في المناطق الشرقية. وانتشرت القوات الامارتية في البقاع الغربي، وانتشرت القوات السعودية في منطقة المطار والشياح ولاحقاً الدورة والكرنتينا.
وانتشرت القوات اليمنية في منطقة الحدث، والكفاءات وانتشرت القوات السودانية في عين الرمانة- الشياح.
الخلافات وانعدام التنسيق
سرعان ما وقع الخلاف بين العقيد أحمد الحاج والضابط السوريين نتيجة تضارب الصلاحيات وانعدام التنسيق، وفضل الحاج ترك هذه المهمة فعين مديراً عاماً لقوى الأمن الداخلي. ووقع خيار الرئيس سركيس والقيادة في سورية على المقدم سامي الخطيب قائداً لقوات الردع (وكان الخطيب قد لجأ إلى سورية في العام 1970 إثر مطاردة ضباط المكتب الثاني ومكث نحو سنة ونصف في سورية كلاجئ سياسي) وحصلت عدة معارك كانت القوات السورية طرفاً فيها في مواجهة القوات اللبنانية بقيادة بشير الجميل التي أطلقت ما يشبه حرب تحرير المناطق المسيحية من الوجود السوري. وكان بعض ضباط الجيش اللبناني يؤيدون الشيخ بشير الجميل في خطته السرية ما أوجد حساسية، في البداية، تطورت إلى اعتداءات بين الجيش اللبناني والقوات السورية وأبرزها ما حصل في 21 شباط 1978 أمام ثكنة شكري غانم للجيش اللبناني من الفياضية .
فقد أقامت القوات السورية حاجزاً صباح ذلك اليوم أمام الثكنة المذكورة ما سبب إزعاجاً للضباط والعسكريين. وقد بدأت وحدات الجيش اللبناني بقيادة النقيب سمير الأشقر بإطلاق النار على الجنود السوريين بعدما فشلت الوساطات في إزالة الحاجز. ما أدى إلى سقوط 13 عسكرياً وجرح 36 آخرين. وسرعان ما ردت القوات السورية بقصف الثكنة ما أدى إلى سقوط ضابط و3 عسكريين .
حالة العداء بين القوات السورية والقوات اللبنانية وكذلك التقارب السوري-الفلسطيني، وشعور قادة وعناصر الوحدات العربية الأخرى المشاركة في قوات الردع أنهم مجرد “تكملة عدد”. وجاءت زيارة الرئيس المصري أنور السادات إلى القدس لتعجّل برحيل هذه القوات عن لبنان فانسحب السعوديون اولاً ثم اليمنيون والسودانيون وأخيراً الإماراتيون وفي نهاية أيار 1979 لم يبق سوى السوريون فأضحت قوات ردع عربية إنما قوامها سورية وقائدها الشكلي هو رئيس الجمهورية اللبنانية من خلال أحد الضباط لكن القرار الفعلي هو في دمشق واستمر الحال هكذا حتى العام 1982 بعد الاحتجاج الإسرائيلي عندما غادرت القوات السورية لبنان وانتهت مهمة قوات الردع العربية. التي جاءت لإحلال السلام ولكنها فشلت وتحولت إلى غطاء للوجود السوري في لبنان.
اترك تعليقا