شهر حزيران - خطف وقتل السفير الأميركي لدى لبنان-وديع حداد، أم الموساد؟

في الوقائع

يوم الأربعاء في 16 حزيران 1976 غادر السفير فرانسيس ميلوي (كان قد استلم منصبه في لبنان في 12 أيار) والمستشار الاقتصادي روبرت وبرينغ السفارة الأميركية في عين المريسة بسيارته الشفروليه يقودها السائق اللبناني زهير المغربي وكانت تحمل السيارة لوحة دبلوماسية 104 (خاصة بالسفارة الأميركية) من دون علم الولايات المتحدة الأميركية، متوجهين إلى الحازمية للاجتماع بالرئيس المنتخب الياس سركيس، وقد رافقت سيارة حراسة سيارة السفير إلى كورنيش المزرعة والبربير ولأسباب أمنية لم تكمل السيارة طريقها نحو المتحف بل عادت إلى السفارة فيما أكملت سيارة السفير سيرها من البربير باتجاه المتحف. لكن السفير لم يصل إلى موعده مع الرئيس سركيس، الذي سرعان ما ساوره القلق وطلب من مساعديه إجراء الاتصالات السريعة مع قادة المسلحين المتواجدين في المناطق التي يفترض ان يكون مر بها السفير وهم من جهة منظمة التحرير الفلسطينية والقوى اللبنانية المتحالفة معها، ومن جهة أخرى حزب الكتائب. لكن أياً من هذه القوى لم يكن لديه (وفقاً لما أفادوا به) معلومات عن الحادثة وأبدوا اهتمامهم بالموضوع حيث انطلقت أعمال البحث عن المخطوفين لكنه بحث لم يستغرق طويلاً إذ تم العثور حوالي الساعة الرابعة على الجثث الثلاث على شاطئ الرملة البيضا حيث نقلت إلى إحدى المستشفيات القريبة ومنها إلى مستشفى الجامعة الأميركية. وقد أوردت إذاعة حزب الكتائب إن منظمة تطلق على نفسها منظمة العمل الاشتراكي أعلنت مسؤوليتها عن الحادث.

في المواقف والاتصالات

إزاء هذه الحادثة حصلت تحركات وأطلقت مواقف عديدة:

  • الرئيس الأميركي ريتشارد فورد وفور إبلاغه بالحادثة دعا كلاً من نائبه نلسون روكفلر ووزير الخارجية هنري كيسنجر ومدير المخابرات المركزية جورج بوش إلى الاجتماع وبحث القضية كما أجرت الإدارة الأميركية اتصالات بحكومات في المنطقة وبعدد من المنظمات السياسية الموجودة في بيروت للحصول بسرعة على معلومات عن الحادث واستعادة السفير ورفيقيه (قبل تبلغهم حصول القتل).

  • الاتحاد السوفياتي، عبر إحدى الصحف الروسية، حذر الولايات المتحدة الأميركية من دون أن يسميها من اتخاذ الاغتيال ذريعة للتدخل العسكري في لبنان .

  • العميد ريمون اده بعدما تلقى اتصالات من السفارة الأميركية أجرى اتصالات بقيادات منظمة التحرير الفلسطينية للاهتمام بالموضوع.

  • الأحزاب في الحركة الوطنية المؤيدة للمنظمات الفلسطينية استنكرت الاغتيال وحذرت من استغلال الجريمة بقصد المزيد من تعقيد الأزمة اللبنانية.

  • رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات وصف الجريمة بالبشعة وقدم التعازي لذوي الضحايا. كما أنه طلب من السفير الفلسطيني لدى الأمم المتحدة إبلاغ الأمين العام أن لا علاقة لمنظمة التحرير الفلسطينية بهذه الجريمة البشعة.

معلومات عن الجريمة

التحقيقات في هذه الجريمة اتجهت فوراً نحو المنظمات الفلسطينية كونها كانت تمسك بالوضع الميداني في بيروت وخاصة في المنطقة التي شهدت الاختطاف بين البربير والمتحف وتركزت الاتهامات على الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بزعامة جورج حبيش ووديع حداد نظراً لعلاقتهما مع موسكو والصراع الأميركي-السوفياتي في لبنان والمنطقة. لم تتوصل التحقيقات إلى نتيجة لتحديد الجهة القيادية الفلسطينية المسؤولة عن العملية واتهمت أفراد فلسطينيين بالضلوع في العملية هما نايف كامل وبسام الفرخ.

ويكشف القيادي الفلسطيني بسام أبو شريف في كتابه وديع حداد ثائر أم إرهابي الصادر عن دار رياض نجيب الريس كانون الثاني 2014، تفاصيل مقتل السفير الأميركي ومرافقيه بعدما اختطفتهم عناصر تابعة للجبهة الشعبية بإمرة أبو أحمد يونس (وهو مسؤول أمني في الجهة الشعبية وكان يعمل بإمرة وديع حداد لكن الجبهة أعدمته لاحقاً بعد شبهات حول دوره ومهامه في القضايا الأمنية التي كلف بها) الذي اتهمه أبو شريف بالعمالة للموساد الإسرائيلي التي تستفيد من قتل السفير الأميركي في تلك المرحلة للإساءة إلى منظمة التحرير الفلسطينية وتحملها المسؤولية.

ويروي أبو شريف أن مجموعة أبو أحمد يونس بعد توقيف سيارة السفير من خلال التمويه بأنهم من حزب الكتائب والترحيب بهم. ففتح السائق زجاج السيارة بعد ان كان محظراً عليه لأسباب أمنية الإقدام على ذلك وعمدوا إلى قتل السائق على الفور وفتح السيارة وقيادتها إلى إحدى مراكزها والإقدام فوراً على قتل الأميركيين، بينما كان رأي وديع حداد عدم قتلهما بل إظهار وجه آخر للثورة الفلسطينية وكانت سرعة أبو أحمد يونس بالقتل مؤشراً على ارتباطات وأهداف محددة لديه من دون علم القيادة الفلسطينية التي ينتمي إليها وفقا لما ذهب إليه أبو شريف. 

اترك تعليقا