حنّا سعادة - فحص سرطان الرحم
سرطان الرحم مرضٌ ينتقل جنسياً وتسبّبه أنواع محدّدة من عائلة فيروس الورم الحليمي البشري، فالنوع 16 مسؤول عن 50% من حالات سرطان الرحم، والنوع 18 مسؤول عن 15% أمّ الأنواع العشرة الأخرى فهي تسبّب 35% من السرطان. على خلاف النساء اللواتي لم يمارسن الجنس قطّ، تتعرّض النساء الفاعلات جنسياً، بما فيه من لا يقمن بالمجامعة، إلى خطر الإصابة بهذا السرطان، ويرتفع معدّل الخطر مع ارتفاع عدد الشركاء.
لحسن الحظّ، إن معظم النساء اللواتي يتعرّضن للعدوى يتخلّصن من الفيروس بصورة تلقائية خلال سنتين. إلا أنّ أقلية منهن تطوّر عدوىً مستمرّة، يمكنها أن تدوم بين عشرة إلى ثلاثين عاماً قبل أن تسبّب سرطاناً في الرحم. ترتكز التوصيات المتعلّقة بالفحص اليوم على واقعتين اثنتين: ارتفاع معدّلات الاختفاء التلقائي للفيروس والمدّة الطويلة بين تاريخ العدوى وتاريخ الإصابة بالسرطان. عليه، ونظراً إلى ارتفاع نسبة العدوى العابرة وانخفاض نسبة الإصابة بسرطان الرحم لدى المراهقات، ينصح بعدم إجراء الفحص قبل السنّ الواحدة والعشرين. بالإضافة إلى ذلك، وبما أنّ خطر الإصابة بسرطان الرحم ينخفض للغاية بعد التبيّن أن نتائج فحصي الفيروس ولطاخة باب هي سلبية، ما من حاجة إلى تكرار إجراء الفحص إلا مرّة كل خمس سنوات.
والواقع أننا نشهد اليوم تحوّلاً من اختبار لطاخة باب التقليدي إلى اختبار الكشف عن فيروس الورم الحليمي البشري. وقد أشارت دراسات أجريت على مدى عشر سنوات إلى أن خطر الإصابة بسرطان الرحم لدى النساء اللواتي لا يحملن فيروس الورم الحليمي البشري لا يتخطى 1%. في المقابل، ترتفع هذه النسبة إلى ما بين 5% و10% لدى من يلتقطن العدوى. كما أكّدت إحدى التجارب الهندية التي دامت ثماني سنوات أنّ نادراً ما تتوفّى النساء التي تكون نتائج فحص الفيروس سلبية لديهن من سرطان الرحم.
والواقع أنّ بعض العيوب التي تشوب اختباري لطاخة باب والكشف عن فيروس الورم الحليمي تبقي المجال مفتوحاً أمام بعض الشّك. ففي بعض الحالات المحدودة، قد تؤدي بعض الحالات الشاذة في عنق الرحم إلى سرطان حتّى وإن لم تكن هذه الحالات مرتبطة بفيروس الورم الحليمي. بالإضافة إلى ذلك، قد لا يكون وجود لطخات فيروسية مرتبطاً بلطخات باب الشاذة ومع ذلك، يمكنها أن تؤدي إلى سرطان. على ضوء هذين التحذيرين، تمّ اعتماد تدبيرين اثنين: 1) اعتماد فحص لطاخة باب كل ثلاث سنوات، وإخضاع حالات الشذوذ المكتشفة فقط إلى اختبار الكشف عن فيروس الورم الحليمي البشري. 2) القيام باختبار مشترك كل خمس سنوات.
ولأنّ فيروس الورم الحليمي البشري شائع لدى النساء بين 21 و29 عاماً في حينٍ أنّ خطر الإصابة بسرطان الرحم منخفض، ينصح فقط بالقيام باختبار لطاخة باب كل ثلاث سنوات، ذلك لما في اختبار الكشف عن فيروس الورم الحليمي البشري من قلقٍ مفرط وإمكانية إخضاع عنق الرحم لعمليات هو في غنىً عنها.
أماّ لدى النساء بين 30 و65 عاماً، فإن التدبيرين المتنافسين هما إما إجراء اختبار مشترك يشمل لطاخة باب والكشف عن فيروس الورم الحليمي البشري كل خمس سنوات، إمّا إجراء اختبار الكشف عن الفيروس فحسب كل ثلاث سنوات. حين تكون نتائج الاختبارين سلبيّة، ينخفض خطر الإصابة بسرطان الرحم إلى النصف مقارنةً بمعدّل الخطر في حال اختبار لطاخة باب وحده. وقد أشارت قاعدة بيانات Kraiser Permanente إلى أنّه من بين 300 ألف امرأة، كان معدّل الإصابة بالسرطان لدى اللواتي خضعن للاختبارين وكانت نتائجهن سلبية امرأتين من أصل 10 آلاف، أمّا معدّل مرضى ما قبل السرطان فكان امرأتين من أصل ألف.
لم يعد يوصى بالفحص لدى النساء الأقل عرضةً لخطر الإصابة بسرطان الرحم وهؤلاء النساء يشتملن على من هنّ فوق ال 65 من العمر ولم تظهر اختبارات باب التي خضعن لها سابقاً نتائج سلبية، ومن خضعن لاستئصال رحمهن لأسباب غير مرتبطة بأمراض خبيثة بالإضافة إلى النساء اللواتي لم يمارسن الجنس قطّ. في المقابل، ينصح بالتشديد على الفحص لدى النساء ذوات المناعة المنخفضة، والنساء المدخّنات، وأولئك اللواتي يتناولن حبوب منع الحمل أو يخضعن لعمليات إنجاب متعددة.
إن اختبار الكشف عن فيروس الورم الحليمي البشري وحده هو أقلّ كلفة من الاختبار المشترك مع لطاخة باب ويوازيه فعاليةً. وفي دراسة لـ Kraiser Permanente Northern California، تبيّن أنّ خطر الإصابة بسرطان الرحم بلغ 0.16% بعد نتائج السلبية للاختبار المشترك مقابل 0.17% لاختبار الكشف عن الفيروس وحده. وعليه، من المتوقّع أن يتمّ التحوّل إلى اختبارات الكشف عن فيروس الورم الحليمي البشري كلّ خمس سنوات عوضاً عن اختبارات لطاخة باب التقليدية نظراً لكلفتها الملائمة وعدم الحاجة إلى إجرائها بالوتيرة نفسها.
لا تتعدّى نسبة النساء اللواتي تكون نتائج الاختبار المشترك لديهنّ ايجابية ال 10%. أمّا المزيج الأكثر شيوعاً فيشتمل على نتائج إيجابية في اختبار الفيروس وسلبية في اختبار لطاخة باب ويتم لحظه بنسبة 4% لدى النساء ما فوق السن التاسعة والعشرين. وتبلغ نسبة الإصابة بالسرطان بعد خمس سنوات لدى ؤلاء 10%، ما يعني أنّ 90% منهنّ يتمكنّ من التخلّص من العدوى مع مرور الوقت . في المرتبة الثانية، يأتي مزيجٌ من نتائج سلبية في اختبار الفيروس وأخرى يشوبها الالتباس في اختبار لطاخة باب وهي تصيب 5% من النساء فتضع خطر الإصابة بسرطان الرحم عند 0.05% مقارنةً ب 0.01% في حالة كانت نتائج الاختبارين سلبية. إلى حين توافر المزيد من المعطيات، يبقى التأكد كل خمس سنوات من خلال الفحصين معاً الاستراتيجية الأنسب.
اترك تعليقا