حدث في مثل هذا الشّهر في العالم العربي-حرب الأيام الستة في حزيران من العام 1967

نشبت حرب 1967 المعروفة أيضاً بالحرب العربية- الإسرائيلية الثالثة بين الخامس والعاشر من حزيران وقد دارت المعارك على الحدود الإسرائيلية مع مصر والأردن وسوريا. والمعلوم أنّ الضفة الغربية كانت خاضعة لحكم الأردن قبل الحرب في حين كان القطاع تحت الحكم العسكري المصري، لكنّ التفوّق العسكري لقوّات الدفاع الإسرائيلي سمح لاسرائيل باحتلال هضبة الجولان والضفة والقطاع.

لم تندلع حرب الستّة أيام على حين غرّة بل كانت تتمّة لحرب العام 1948 وجزءاً لا يتجزأ من الصراع العربي الإسرائيلي المتواصل. ظنّت الدول العربية حينها أن الأوان قد آن لاسترداد ما فقدته في حرب 1948، أماّ الاسرائيليون فاعتبروا أن الفرصة مؤاتية لاستكمال ما قد بدأوه منذ نحو عقدين والواقع أنّ الطرفين لم يتوانيا عن القيام باستفزازات لتأجيج التوتر الموجود فقامت اسرائيل على سبيل المثال بتطبيق خطة تحويل مياه نهر الأردن واستهداف مرابض المدفعية في الجولان، أمّا منظّمة التحرير الفلسطينية فقد أطلقت صواريخ من الضّفة الغربية باتجاه اسرائيل لكنّ السبب المباشر لاندلاع الحرب كان سحب مصر لقوّات الأمم المتّحدة الموجودة في سيناء منذ العام 1956 ونشر الجنود المصريين فيها.

بدأت أولى الاشتباكات على الجبهة المصرية حيث قامت مصر بفرض حصارٍ بحريٍّ على الميناء الجنوبي لإسرائيل وبنشر عدد كبير من الجنود في سيناء، فبادرت إسرائيل إلى الردّ عبر تعطيل سلاح الجوّ المصري وهو السبب الأبرز لخسارة الجيش المصري. أمّا المواجهة الثانية، فقد كانت ضد الأردنيين في القدس وفي الضفّة الغربيّة وانتهت بعد ثلاثة أيامٍ بانتصار الجيش الاسرائيلي خصوصاً أنّ جنرالات اسرائيل كانوا قد درّبوا خصيصاً للاستيلاء على القدس. أماّ الجبهة السورية فقد شهدت آخر المجابهات بعد أنّ ردّ الاسرائيليون على الغارات الجوية التي تعرّضوا لها بتدمير الأسطول الجوي السوري كاملاً وإخراج الجنود السوريين من الجولان.

بعد نحو ستّة أيام من التنازع والقتال، خرجت اسرائيل منتصرةً وتمكّنت من انتزاع قطاع غزّة وشبه جزيرة سيناء من السلطة المصرية كما استولت على الضفة الغربية والجولان وأحكمت بالتالي السيطرة على مدينة القدس وعلى الموارد المائية في الهضبة.

أفضت تبعات الحرب إلى فرار أعداد هائلة من العرب ومن اليهود المقيمين في العالم العربي وقد لجأ عرب الضفة الغربيّة بمعظمهم إلى الأردن بينما باشر اليهود المقيمون في الدول العربية بمغادرتها بعد تعاظم هواجسهم وخوفهم من العرب.

شكّلت حرب الستّة أيام مفترقاً تاريخياً في مسار النزاع العربي-الإسرائيلي فقد ساهمت هزيمة الدول الثلاث في إجهاض إمكانية تحقيق أي تقدّمٍ من الجانب العربي ما وجّه ضربةً قاضية لإيديولوجية القومية العربية التي كان جمال عبد الناصر في طليعة مناصريها. أمّا الفلسطينيون، فقد اتّضح لهم أنّ الاعتماد على الدول العربية لتصدّر صفوف المواجهة والقتال بات رهاناً خاسراً وأنّ الأجدى بهم متابعة النضال بأنفسهم.

على خلفية هزيمة العرب في حرب الستة أيام، أقيمت قمة الخرطوم العربية للتشديد أن لا صلح ولا اعتراف أو تفاوض مع الكيان الصهيوني، كما قامت الأمم المتّحدة بإصدار القرار 242 . لكنّ على الرغم من محاولات الأمم المتحد إيجاد أرضية مشتركة لتحقيق السلام في المنطقة، ظلّ شبح حرب الأيام الستة يطارد ذاكرة الأطراف المهزومة، فما كان بذلك إلا أن مهّد الطريق لحرب أكتوبر 1973 التي اندلعت بغية التعويض عن خسائر العام 1967.

اترك تعليقا