حنّا سعادة - متلازمة تململ الساقين
تختلف أحاسيس التململ التي تحثّ المرء على التحرّك من شعور شديد بالحكّة إلى شعور بالدغدغة إلى إحساس مستمر بالوخز أو حاجة متواصلة إلى الزحف أو الجرّ، الخ وهي تترافق كلها مع ارتعاش مباغت ولا إرادي في العضلات خلال النوم. وتختلف حدّة هذا الاضطراب أيضاً من حالات بسيطة يمكن علاجها بسهولة إلى حالات حادّة وعصيّة على العلاج. يمكن لما يسبّبه هذا الاضطراب من قلق وعدم قدرة على النوم أن يرهق الجسم والعقل فيعرقل بالتالي الحياة الطبيعية للمرء.
ما من عمر محدد للإصابة بهذه المتلازمة كما أنّها قد تتصاعد تدريجياً وقد ينتج عنها معاناة طولية وعصيبة. تعطّل هذه المتلازمة أنماط النوم والاستراحة لدى المرء فتزيد من أحاسيس التعب والنعاس خلال النهار وتجعل بعض التصرفات كقيادة السيارة أو تشغيل إحدى الآلات أموراً في غاية الخطورة. لا تزال أسباب هذا الاضطراب مجهولةً حتى اليوم لكنّ المعلوم أنّه قد تتخلّله مراحل من التحسّن أو الانتكاس، ومن الممكن أن يظهر أحياناً نتيجة بعض الأدوية أو الحالات الطبية.
ترتبط متلازمة تململ الساقين بنقص دماغي في الدوبامين والحديد وغالباً ما يتجاوب مع العلاجات التي تسدّ هذا النقص. بالرغم من أنّ 20% من حالات تململ الساقين ناتجة عن نقص في الحديد، هناك العديد من الحالات الطبية الأخرى التي يتمّ ربطها بهذه المتلازمة كداء السكري، والسمنة، وارتفاع معدّل الكوليسترول، والسكتات الدماغية، والنوبات القلبية، ومرض باركنسون، وأمراض الغدّة، والنقص في المغنيسيوم، وأمراض المناعة الذاتية، واعتلال الأعصاب المحيطية، وتوقّف التنفس أثناء النوم، والداء الزلاقي، وقصور الانتباه وفرط الحركة، وتوسع أوردة الساقين. أمّا الأدوية التي تزيد احتمال الإصابة بمتلازمة تململ الساقين أو مفاقمتها فتشمل الحبوب المضادة للغثيان، ومضادات الهيستامين والاكتئاب والذهان والأعراض الناتجة عن توقّف الأدوية المخدّرة. بالإضافة إلى ذلك، تزداد المتلازمة سوءاً بعد العمليات الجراحية أو الإصابات في الظهر، كما أنّ ثلثي الحالات يكون في معظم الأحيان عائلياً ووراثياً.
إن الهدف الأول للعلاج هو البحث عن الحالات كالنقص في الحديد وتوسع أوردة الساقين وأمراض الغدة الدرقية وغيرها ومعالجتها، لأن معالجة هذه الأمراض قادرة على تحويل اتجاه متلازمة تململ الساقين. تجنّب التبغ والكحول والكافيين وممارسة الرياضة اليومية وتقنيات الاسترخاء وغيرها من تمارين وعلاجات تمدّد العضلات كلّها عوامل تساعد في تلطيف حدّة هذا الاضطراب. ينبغي وصف أقراص حديد لكل من يكون معدّل الفيريتين لديه دون 50 ميكروغرام/ليتر على أن يقوم الطبيب بمراقبة معدلات الحديد لديه. إن حقن الحديد عبر الأوردة علاج تتمّ دراسته اليوم كون الحديد عاملاً مساعداً أساسياً في إنتاج الدوبامين الذي تفتقره أدمغة المصابين بهذه المتلازمة.
حين تفشل العلاجات البسيطة، يتمّ اللجوء إلى سبع مجموعات من الأدوية هي التالية:
-
معزّزات الدوبامين كالروبينيرول، البراميبكسول، البرغوليد أو الكاربيدوبا/ليفودوبا، وينبغي استخدامها بحذر لأنها قد تزيد المرض سوءاً بعد مدّة طويلة من الاستخدام أو قد تساعد على ظهور المتلازمة من جديد إذا تمّ التوقّف عن تناولها كما أنّها قد تشجّع على ممارسة الميسر المرضي.
-
كابحات استثارة العصب كالـ Gabapentin تستخدم غالباً كأولى الخيارات العلاجية لأن آثارها الجانبية أقلّ حدّة من آثار معزّزات الدوبامين
-
المخدّرات كال Methadone تتّسم أيضاً بالفعالية لكنّها تسكّن المريض وتسبّب له الإمساك كما يمكنها التحوّل إلى إدمان يصعب التخلص منه.
-
المسكّنات كالفاليوم Valium لا تقوم فقط بكبح التململ بل تساعد أيضاً على النوم، لكنّ تناولها باستمرار قد يتحوّل أيضاً إلى سلوك إدماني.
-
مضادات الاختلاج كالكاربامازبين Carbamazepine تساعد على تخفيف الآلام في الأطراف ولكنّها لا تخلو من الآثار الجانبية أيضاً المتمثلة بالطفح الجلدي والتسمم.
-
أدوية المريجوانا (الحشيش) والكينين (الدواء الأول لعلاج الملاريا وبعض التشنجات) تبين أنّها مفيدة في بعض الحالات.
-
اتضّح أنّ فيتامين E وC سواء كانا منفردين أو مجتمعين فعالين في معالجة مرضى تململ الساق الذين يخضعون لغسيل الكلى، وهما على عكس المجموعات المذكورة أعلاه لا يولّدان أي آثار سلبية.
ينبعي أن توصف أدوية متلازمة تململ الساقين بمراقبة طبيب متمرّس لأنها معقّدة ويمكت أن تسبّب المشاكل. هذه المتلازمة هي أكثر شيوعاً لدى النساء من الرجال وغالباً ما تتطوّر مع التقدّم بالعمر كما أنها تصيب 3% إلى 10% من السكان حسب البلد والمنطقة. تبلغ نسبة الإصابة بهذه المتلازمة قرابة 10% في شمال أميركا في حين تنخفض إلى نحو 3% في الشرق الأوسط. خلال المرحلة الثالثة من الحمل، تطوّر 25% من النساء متلازمة تململ الساقين وسرعان ما يشفين منها عند الولادة.
السير طوماس ويليس كان أول من وصف هذه المتلازمة في العام 1672.
اترك تعليقا