وضع النساء العراقيّات ما بعد الحرب

على الرغم من منح نظام حزب البعث العراقيات حقوقاً لم تكن تنعم بها أي من النساء العربيات حينها، ظلّ التمثيل النسائي في الحكومة محدوداً. سمحت عائدات النفط في العراق بتوسيع إطار الخدمات الاجتماعية وبات الذهاب إلى المدرسة حتى سنّ السادسة عشر إلزامياً للذكور والإناث على حدّ سواء، كما أنّ حزب البعث قام بإنشاء «الاتحاد العام للنساء العراقيات» والذي هدف إلى تحسين آفاق التعليم والحقوق القانونية للنساء. وهكذا، أضحت النساء العراقيات مكوناً أساسياً في القوى العاملة، وتمّ منح العاملات العراقيات إجازة أمومةٍ بلغت عاماً كاملاً. بالإضافة إلى ذلك، ارتفعت معدّلات توظيف العراقيات بشكلٍ ملحوظ خلال الحرب الايرانية-العراقية بعد أن غادر عدد كبير من الرجال العراقيين سوق العمل، أماّ المشاركة النسائية السياسية، فبقيت محصورة في ظلّ القيود التي كان النظام يمارسها على كافة العراقيين.

مع تباطؤ عجلة الاقتصاد في التسعينيات، عادت الحكومة لتعطي الذكور الأولوية في التوظيف، وتزامن ذلك مع انخفاض في نسبة التمثيل النسائي في البرلمان. وأتت العقوبات التي طبّقت بين العامين 1990 و2003 لتزيد الطين بلّة فانخفضت نسبة التعليم بين الإناث بحكم القيود الاقتصادية السائدة. وفي محاولةٍ لحشد دعم قادة العشائر، عدّل صدام قانون العقوبات فسمح للرجال بإعلان الطلاق من دون سابق إنذار ومن دون التعويض لزوجاتهم، على عكس الأعراف القانونية التي كانت فاعلةً سابقاً.

منذ اندلاع الحرب في العراق والنساء العراقيات يتعرّضن للعنف والإساءة، وعلى االرغم من الانخفاض النسبي لحدّة القتال منذ العامين 2006 و2007، لا زالت الاعتداءات وأعمال العنف والخطف والزواج القسري وهواجس الترمّل تلاحق النساء العراقيات وتهدّد سلامتهنّ. أما البرامج الحكومية المراد منها مساندة النساء الأرامل، فهي فاسدة ومثقلة بالإجراءات البيروقراطية. حدّد الدستور العراقي الجديد الكوتا النسائية ب25% من المقاعد في البرلمان، لكنّ هؤلاء يمثّلن الحزب الذي ينتمين إليه، وخمسة منهنّ فقط يمثّلن أنفسهنّ أما الحقيبة الوزارية الوحيدة التي تتولاها امرأة فهي وزارة الدولة لشؤون المرأة في العراق.

في الواقع، إنّ الفلتان الأمني والاقتصاد المتردي يجعل النساء قلقات حول سلامتهنّ وسير حياتهنّ اليومية وليس حول التمثيل السياسي في المجلس. أصدرت وحدة تحليل المعلومات المشتركة بين الوكالات في الأمم المتحدة تقريراً حول وضع المرأة العراقية في آذار عام 2012 وجد أنّ معدّل الأمية يبلغ 24% لدى النساء العراقيات مقابل 11% لدى الرجال، وأنّ 14% فقط من النساء يعملن أو هنّ في طور البحث عن وظيفة.

تحاول العراقيّات جهدهنّ لإعادة بناء حياتهنّ بعد الحرب لكنّ تحقيق ذلك يستوجب الدعم المؤسساتي من قبل الحكومة، خصوصاص أنّ تزعزع الوضعين الاقتصادي والاقتصادي يعيق إمكانية توفير ظروف أكثر ملاءمةً للنساء. اعترف الدستور العراقي الجديد بالدين الإسلامي كدينٍ للدولة ومصدر أساسي للتشريع. لهذا، يخشى أن لا يولي الدستور الجديد الحيّز اللازم من الاهتمام لشؤون المرأة، كما يخشى أن يستمر تعدّد الزيجات وجرائم الشرف في تهديد حريّات المرأة العراقية في ظلّ حكومة يحكمها الشيعة وتنامي الحركات الإسلامية. 

اترك تعليقا