إمكانات قطاع الطاقة الشمسية في العالم العربي

مع تراجع كلفة تجهيزات الطاقة الشمسية اليوم، بدأ هذا المصدر الحيوي يبرز كخيارٍ جدير بالاعتبار. هنا لا بدّ من التطرّق إلى كلفة الطاقة الشمسة مقارنةً بكلفة استخدام النفط أو الغاز الطبيعي. حالياً، يضطرّ بعض الدول الإقليمية إلى تحمّل نفقات استيراد النفط، ونقص التزويد بالغاز الطبيعي والمنافسة مع المشترين الأوروبيين، لكنّ الطاقة الشمسية قادرة على تخفيض الحاجة إلى الواردات النفطية المرتفعة وسدّ الثغرات في تزويد الغاز، لأن وفرة الإشعاع الشمسي كافية لتلبية أي ارتفاع في الطلب مهما بلغ حجمه، وفي حال عدم التطابق بين العرض والطاب ، يمكن اللجوء إلى تخزين الطاقة لحلّ هذه المسألة. يبدو هذا الخيار في غاية الأهمية في البلدان التي تتكبّد تكاليف مرتفعة لاستيراد النفط كالأردن والمغرب ولبنان حيث كان يتمّ توليد 95% من الطاقة الكهربائية من المصادر النفطية مع حلول العام 2009. وبمعزلٍ عن أسعار النفط المرتفعة، فإنّه لم يعد ممكناً غضّ الطرف عن الأخطار البيئية الناتجة عن الانبعاثات.

على الرغم من أنّ هذه الصناعة ما زالت في مراحلها الأولى، وعلى الرغم من محدودية مشاريع الطاقة الشمسية القائمة حالياً في المنطقة، من المتوقّع أن يشهد هذا القطاع نمواً بالغاً في السنوات المقبلة. حالياً يتمّ تأمين المرايا العاكسة عن طريق الاستيراد لأن حجم التزويد المتوفّر في المنطقة لا يكفي للإنتاج المحلّي. يقدّر حجم هذه السوق ب 25 مليون دولار ومن المتوقّع أن يرتفع ليبلغ 100 مليون دولار مع حلول العام 2015 بعد تنامي اهتمام الشركات العالمية وانخراط منتجي الزجاج المحليين في الصناعة. أمّا فيما يتعلّق بالتجهيزات الالكترونية، فغالباً ما يتمّ تأمين المكوّنات ذات التقنية العالية من مصادر عالمية في حين تزوّد السوق المحلية المكوّنات الأقلّ تعقيداً. يقدّر حجم السوق بمليوني دولار ومن المتوقّع أن يرتفع إلى 5 حتى 10 مليون دولار مع حلول العام 2015 وفقاً لمعهد فرانهوفر ISI.

في ظلّ هذا التطوّر التدريجي، لا بدّ من الإضاءة على مواطن القوّة وكذلك التحديّات التي تواجه هذا القطاع، ولعلّ أولى العوامل الايجابية التي تتبادر إلينا هي أن امتداد الصحارى في العالم العربي يجعل هذه المنطقة غنيّة بالإمكانات الإشعاعية. ويجتمع هذا العامل مع انخفاض كلفة اليد العاملة المتواجدة في المعامل لتخفيض التكاليف المجملة لإنتاج الطاقة الشمسية. أما المجالات الأخرى التي تفتح آفاقاً لهذا القطاع فتتمثّل في قدرة المنطقة على تأمين مرايا الألواح الشمسية مع توفّر صناعة الزجاج في مصر والجزائر.

لكنّ صناعة الزجاج تستلزم استقدام خبرات أجنبية قد تزيد من تكاليف الإنتاج ناهيك عن أنّ إنتاج الزجاج العائم لايزال تستنفذ كماص كبيراص من الطاقة ما يعرقل إمكانية الإنتاج في بعض الدول كالأردن والمغرب. ولعلّ العائق الأكبر أمام نموّ هذا القطاع هو الاهتمام العربي الضئيل بهذه الطاقة المتجدّدة وسبل استغلالها، فدعم الحكومات لمشاريع الطاقة الشمسية لا زال خجولاً والقطاع يزدهر بفضل المبادرات الفردية.

على الرغم من أنّ توليد الكهرباء عبر استخدام النفط والغاز الطبيعي لا يزال أقل كلفةً اليوم من الطاقة الشمسية، إلا أنّ التخطيط المناسب لإطلاق هذه الصناعة كما يجب من شأنه تخفيض كلفة الإنتاج إلى حدٍّ كبير. إن المشاريع الكبرى كمشروعي Desertec و Masdar يشكّلان اليوم محاولةً جديةً لفتح آفاق جديدة في هذا المجال. أخيراً، يبقى الجانب المضيء في هذا القطاع هو قدرة هذا المورد على التجدّد ما يجعله خياراً بديلاً يمكن التعويل عليه على المدى البعيد، ولذلك لا بدّ من سياسةٍ عامّة توفّر الحوافز للمشاريع السكنية والتنموية الجديدة لحثّها على اختيار هذا البديل. 

اترك تعليقا