القطاع التربوي العراقي

أولى حزب البعث اهتماماً كبيراً للاستثمار في تطوير التربية في العراق وقد انطلقت حملة محو الأمية بين السبعينيات والثمانينيات وارتفعت نسبة المتعلّمين من 52% في العام 1977 إلى 80% في العام 1987 (وفقاً لهيو غسترسون) وقد ترافق ذلك مع ارتفاعٍ في عدد الطلاب الجامعيين العراقيين وكذلك الطلاّب العرب المسجّلين في الجامعات العراقية. إلاّ أنّ معظم برامج التربية غير الرسمية توقّفت وقد حظّرت المرحلة الأولى من العقوبات بناء مدارس جديدة، وتمّ تخفيض معاشات الأساتذة الجامعيين وايقاف برامج تبادل الطلاب وتراجع إمداد الجامعات بالتجهيزات والمعدّات اللازمة.

مع حلول العام 2007، ارتفعت نسبة الأميّين في العراق إلى 23% وفقاً للدراسة الاجتماعية والاقتصادية لوضع الأسرة العراقية. أمّا مكتب الأونيسكو في العراق، فقد أورد أنّ نحو 30% من السكان في المناطق الريفية يعانون من الأميّة اليوم. في الإجمال، يقدّر عدد الأميين في العراق بخمسة ملايين، 14% منهم هم أطفال بعمر المدرسة لكن لا يقصدونها إمّا لمحدودية مدخول الأسرة التي تدفعهم إلى الانخراط في سوق العمل باكراً أو لعدم أهليّة المدارس والبرامج التعليمية المتوفّرة. بالإضافة إلى ذلك، تمّ لحظ هوّة كبيرة بين الرجال والنساء مع ارتفاع معدّلات الأمية في صفوف الجنس الأنثوي إلى 47% في بعض المناطق. أمّا في فئة الراشدين، فيبلغ معدّل من لم يدخل المدرسة إطلاقاً نحو 22%، وهذه الأرقام ليست سوى مؤشّر على مستوى التدهور الذي بلغه القطاع التربوي في العراق خلال العقدين الماضيين.

تكبدّت جامعات العراق التي كانت قد خسرت الكثير من مواردها بفعل العقوبات مزيداً من الدمار بعد غزو العام 2003، كما أنّها تعرّضت للسرقة والنهب ولحقت أضرار كبيرة بالكتب ومعدّات المختبرات والبنية التحتية للمباني، وأصبح حرم الجامعة مركزاً لممارسة العنف الطائقي والتعرّض للأساتذة وقتل البعض منهم. دفعت هذه الهمجية بالطاقم التعليمي للتفتيش عن وظائف خارج قطاع التربية أو مغادرة البلاد والاستمرار في التدريس في الخارج. وقد أفاد برنامج الحكومة الالكتروني في العراق أنّ الأساتذة لم يغادروا هرباً من الوضع الأمني فحسب، بل من هشاشة البنية التحتية إذ لم تعد معظم المباني صالحةً لاستيعاب الطلاب.

إن إصلاح القطاع التربوي في عراق ما بعد الحرب رهنٌ بمدى توفّر التمويل والمصادر المالية، لكن للأسف، يستمرّ النقص في هذا التمويل بتهديد هذا القطاع، أمّا الأموال إن توفّرت، فما من درايةٍ في إدارتها وغالباً ما تُصرف على الرواتب والأجور مع الإشارة إلى أنّ القطاع الجامعي ينال قسطاً أكبر من التمويل من قطاعات التعليم في المراحل الأبكر، والأمر سياّن للمؤسسات الريفية والمدنية حيث تنال هذه الأخيرة حصّة أكبر من الدعم المادي. لسوء الحظ، لم يعد الأساتذة والإداريون يتلقّون التدريب اللازم ما يؤثّر على نوعية التربية ويضرّ بمستوى الإدراة المدرسية فيعطّل بالتالي عمليةّ الدراسة ككلّ. 

اترك تعليقا