واقع اللاجئين الفلسطينيين في ظلّ الأزمة السورية
سجّل العديد من الإصابات والوفيات في صفوف اللاجئين الفلسطينيين في سورية بفعل قرب أماكن سكنهم من مواقع القتال، أمّا المخيّمات الأكثر تأثّراً بالنزاع فهي مخيّم عين التلّ، ودرعا، واليرموك والحسينية وخان الشيح، وسبينة بالإضافة إلى مخيّم السيّدة زينب. شهدت هذه المخيّمات نزاعات مسلّحة بين الجيش النظامي والمعارضة وقد تزايدت حدّة المعارك بشكلٍ جعل البقاء ضمن المخيّمات أمراً مستحيلاً. قدّرت وكالة الأمم المتحدّة لإغاثة وتشغيل الفلسطينيين «أونروا»، عدد اللاجئين الفلسطينيين الذين غادروا سورية منذ بداية النزاع بنحو 235 ألف لاجىء. أمّا من آثروا البقاء، فلم يعد التنقّل بحرية من الخيارات المتاحة لديهم، الأمر الذي عطّل إمكانية وصولهم إلى العمل وانعكس تدهوراً في معيشتهم، فبات معظمهم يعتمد على الأونروا لتأمين مصادر دخله وتشير أرقام الوكالة إلى أنّ 400 ألف فلسطيني ممّن كانوا يعيلون أنفسهم وعائلاتهم داخل سورية باتوا اليوم بحاجةٍ إلى الدعم المعيشي.
الواقع أنّ الأونروا تفتقر التمويل الكافي لمساعدة اللاجئين الفلسطينيين ومع تضرّر المخيمات الفلسطينية في سورية، انتقل هؤلاء إلى بلدان عربيّة أخرى كلبنان والأردن ومصر. في لبنان تعجز الموفضية العليا للأمم المتحدّة لشؤون اللاجئين والمنظمات غير الحكومية من سدّ الثغرة في أداء الأونروا لأنّها منهمكة هي الأخرى في إعانة الفلسطينيين السوريين. يقدّر عدد اللاجئين الفلسطينيين الذين نزحوا من سورية إلى لبنان ب 32 ألف نازح علماّ أنّ هذا الرقم مرجّح أن يكون أكبر لأنهم غير مسجلين جميعاً. أمّا أكثر ما يحتاجه هؤلاء فهو الحصول على ملاجىء للطوارىء خصوصاً أنّهم ينتقلون إلى مخيّمات هي في الأساس مكتظّة وتعاني نقصاً في المستلزمات الحياتية الأساسية.
فرّ لاجئو فلسطين من مناطق الحرب في سوريا ليلقوا في لبنان مصيرًا بائساً فوجدوا أنفسهم من دون ملاذٍ يحميهم أو وظائف تضمن لهم العيش الكريم أو حتى مدارس لتأمين التعليم لأولادهم ومعظمهم يعيش اليوم في محيط المخيّمات اللبنانية أو داخلها. وعلى الرغم من المظاهرات التي طالبت بتأمين المساعدة والوظائف داخل المخيمات في شمال وجنوب لبنان، فإن الحكومة اللبنانية وكالات المساعدة الدولية بالكاد قادرة على استيعاب وايواء العدد الهائل من النازحين السوريين. ولصبّ الزيت على النار، يفرض على الفلسطينيين دفع 17 دولاراً أميركياً لقاء إذن الإقامة في لبنان، وهو إذن ينبغي تجديده كلّ ثلاثة أشهر، مع العلم أنّ لبنان يحظّر عليهم العمل ولا يوفّر لهم أيّة خدمات تذكر.
وجد فلسطينيون آخرون ملاذاً في الأردن ومصر وقد بلغ عدد هؤلاء في الأردن 4569 لاجئاً لا يسمح لهم التواجد خارج مخيّم «سايبر سيتي» ولا الخروج إلا في حال أرادوا العودة إلى سورية. أما في مصر، فعلى الرغم من أن عدد اللاجئين ليس بنفس الحجم، إلا أن أحوالهم لا تقلّ سوءاً وقد عمدت السفارة الفلسطينية في مصر إلى جانب مكتب الأونروا يتوفير مساعدة إضافية لهؤلا، لكنّ الحكومة المصرية تعتبر أنّ توسيع نطاق عمل الأونروا، من شأنه التأثير على حقّ الفلسطينيين بالعودة ولهذا لم يتمّ الإجازة للوكالة بتوسيع نشاطها.
لا شكّ أنّ سيل اللاجئين إلى البلدان الإقليمية المجاورة أجهد الحكومات المعنية والمنظمات المحلية والدولية على حدّ سواء، لكن لا بدّ من معاملة اللاجئين السوريين والفلسطينيين على قدمٍ وساق وتوزيع المعونات الإنسانية والمالية بصورة عادلة لتجنّب الوقوع في أزمةٍ جديدة.
اترك تعليقا