ميشال نوفل - الإخفاق تحت وطأة الضغط : إدارة قلق الإمتحان

الشعور بضيقٍ في المعدة والتشكيك في القدرة على الإجابة على الأسئلة أو التساؤل إذا ما تمّ التحضير للامتحان بالشكل الكافي هي مؤشرات مألوفة على التوتّر الذي يسبق الامتحان، والشعور بالتوتّر حالة طبيعية وشائعة تصيب الجميع من دون استثناء. في الواقع، يمكن للمستويات العاديّة من التوتّر أن تنعكس تحسيناّ في الأداء، فتدفق الأدرينالين الناتج عن التوتّر يساعد على زيادة التركيز وبالتالي تمكين الشخص من التفكير بصورة أسرع والتعاطي بشكلٍ أكثر فعالية مع الظروف الملحّة.

لكنّ الإفراط في القلق من الامتحان قد يتحوّل في بعض الحالات إلى مصدر للإرباك والإنزعاج، الأمر الذي يعيق قدرة المرء على التفكير والتركيز فينتابه الخوف والذعر. أظهرت البحوث أنّ المواقف المحفوفة بالتوتّر، كإجراء امتحان على سبيل المثال، قادرةٌ على تقليص قدرة الدماغ على معالجة المعلومات المعروفة بالذاكرة العاملة. والذاكرة العاملة حاجةٌ أساسيّة للقيام بالعديد من النشاطات اليومية لأنها تمكّن المرء من استرجاع واستخدام المعلومات المرتبطة بالمهام في متناول اليد. في هذا الإطار، من الضروري الإشارة إلى أنّ الذاكرة العاملة هي موردٌ محدود، وبالتالي، فإن القلق المفرط من شأنه إثقال هذه الذاكرة وتعطيل الأداء السليم.

على الرغم من الحوافز التي تدفع بالأشخاص لبذل أفضل ما لديهم، يمكن لبعض المواقف المقلقة أن تحول دون إثباتهم لقدراتهم. تعرف التحديات أو التجارب الصعبة التي تمنع الأشخاص من إظهار المستوى الحقيقي لمهاراتهم بظاهرة «الإخفاق تحت وطأة الضغط». من الضروري والصحي أن يبقى القلق من الامتحان عند مستوىً يتيح للمرء إبراز أفضل قدراته، فغياب القلق يعني أيضاً غياباً في الحوافز وبالتالي تراجعاً في الأداء. من هنا، ينبغي على المرء التحكذم بمستويات القلق لديه وإدارتها بشكلٍ يعزّز طاقاته وقدراته.

للتخفيف من قلق الامتحان، ينبغي على المرء التفكير مطوّلاً بالأسباب التي أفرزت هذا القلق وصياغة الحلول المناسبة بناءً عليها. ويُعزى القلق إلى أسباب عديدة ترتبط بعدم التحضير الكافي، أو بتجربة سيئة مع الامتحانات سابقاً، أو بالخوف من سوء الأداء، أو بعدم الارتياح أو بكلّ بساطة بنزعةٍ طبيعية إلى الشعور بالقلق. لكنّ معرفة المسبّب الحقيقي لهذه الحالة من شأنها مساعدة المرء على مجابهتها والتعاطي معها بشكلٍ أفضل.

التحضير بالشكل المناسب عاملٌ جوهريٌ في تخفيض معدلات القلق من الامتحان. فمن يحسن التحضير يطوّر استجابات تلقائية تضعف الأثر السلبي الذي يخلّفه القلق. ويمكن للتلاميذ أن يباشروا بالتحضير باكراً عبر الحرص على عدم التغيّب عن الصفوف وإنجاز الفروض المطلوبة منهم والبدء بالدرس مسبقاً لإفساح المزيد من الوقت للمراجعة.

ينبغي على التلاميذ أيضاً تنظيم عمليّة المراجعة على نحوٍ يسمح بتخصيص وقتٍ للاستراحة، فالدرس اليومي لساعات طويلة ومتواصلة من شأنه استنزاف طاقة التلميذ قبل الامتحان بمدّة طويلة. لكنّ الحرص على نيل قسطٍ من الاستراحة خلال فترة المراجعة يخلق توازنًا بين الدرس واللهو ويمكّن التلميذ من ايجاد نشاطات ممتعة تساعده على الاسترخاء فكرياً وجسدياً. بالإضافة على ذلك، لابدّ من اعتماد نمط حياتي صحي في المأكل والمشرب والنوم للحفاظ على طاقة الدماغ.

بالإضافة إلى كلّ ذلك، على التلاميذ قراءة الامتحان بحذر لتنظيم وقتهم وتسلسل إجاباتهم، ومن المحبّذ أن يبدأوا بالأسئلة التي يثقون بقدرتهم على حلّها. أما في حال الذعر وضياع التركيز، على التلاميذ تمالك أنفسهم وتضييع القليل من الوقت لاستعادة هدوئهم واتزانهم عوضاً عن قضاء ساعات الامتحان في حالةٍ من الهلع والتوتّر.

من المعروف أنّ الامتحانات تستدعي مجهوداً كبيرًا على المستوى الذهني والجسدي والعاطفي، لكنّ تخصيص الوقت لإدارة القلق كفيلٌ بتحسين المستوى الأكاديمي للطلّاب، مع الإشارة إلى ضرورة لستخدام تقنيات مختلفة باختلاف الأشخاص ما يتطلّب وقتاً أطول من الطالب لمعرفة التقنية الأنسب له قبل اعتمادها. 

اترك تعليقا