الاقتصاد السوري تحت حكم البعث

بين الستينيات والثمانينيات، ركّز حزب البعث على تأميم الصناعات والأصول الخاصّة، وبحد حرب العام 1967، زادت الحكومة السورية إنفاقها العسكري، الذي استمرّ بالارتفاع أكثر فأكثر بعد مجيء حافظ الأسد إلى السلطة. وقد عمد الأسد إلى تعزيز وتحسين الخدمات الصحية والتربوية وخدمات الضمان الاجتماعي من خلال ما عُرِف بالحركة التصحيحية، إلّا أنّ محاولات تحقيق الإصلاح الاقتصادي باءت بالفشل نظراص لاستشراء الفساد وعدم الكفاءة.

أدخل حزب البعث، تحت حكم بشار الأسد، عددًا من الإصلاحات الاقتصادية بين العامين 2000 و2010، فتمّ السماح بتأسيس المصارف الخاصة في سورية منذ العام 2001 وانخفضت معدّلات الفائدة، في حين ارتفعت أسعار بعض المواد كالمازوت والنفط والأسمدة الزراعية وغيرها من المنتجات المدعومة من الدولة. أمّا في العام 2003، فقد أجازت الدولة استخدام القطاع الخاص للعمل الأجنبية ومع بلوغ العام 2005، أصبح يحقّ للمصارف بيع العملات الأجنبية للأفراد مباشرةً. افتتحت بورصة دمشق عام 2009 وكانت الحكومة السورية تسعى في تلك الفترة إلى استقطاب الاستثمارات إلى قطاعات السياحة والخدمات والغاز الطبيعي بغية تحرير الاقتصاد من الاتكالية على الزراعة والنفط فحسب. وفقاً لصندوق النقد الدولي، بلغ معدّل النمو السنوي في سورية بين العامين 2004 و2009، 5%، إلا أنّ هذا المعدّل لم يلبث أن بدأ بالتراجع بفعل الأزمة المالية العالمية فبلغ 3.2% عام 2010.

عام 2005، كانت صادرات النفط تشكّل 50% من دخل الحكومة، لكنّ هذه النسبة انخفضت إلى 35% عام 2010. عام 2009، بدأت سورية باستيراد النفط نتيجة العقوبات الأميركية التي فرضت على قطاع النفط.

على الرغم من الجهود التي بذلت، بقيت عملية الإصلاح داخل سورية تتحرّك على نحوٍ بطيء نتيجة تعدّد وجهات النظر داخل الحكومة إزاء المقاربة الأمثل لتحقيق النمو الاقتصادي. وقد تدخّلت عوامل أخرى لتعيق هذا النموّ كان في طليعتها الجفاف الذي ضرب سورية وألحق الكثير من الأضرار بقطاع الزراعة وأرغم المزارعين في المناطق الريفية على مغادرة مناطقهم والتوجّه إلى ضواحي المراكز المدنية، ناهيك عن تراجع الدعم الحكومي لهذا القطاع بشكلٍ ملحوظ. هنا تجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة قد فرضت عقوبات اقتصادية على سورية منذ العام 2004 وحظراً على صناعتها النفطية منذ العام 2008.

في الأعوام القليلة التي سبقت اندلاع الأزمة في سورية، بدت الحكومة على أنّها تشجّع الأعمال الكبرى وتخفّف من دعمها للسلع الأساسية ولهذا من المهم الإطلاع على الخلفية الاقتصادية لهذا البلد لفهم ما قد يتوقّعه الشعب السوري من أي جهةٍ قد تأتي إلى الحكم بعد توقّف النزاع. أوشك الاقتصاد السوري على الانهيار بفعل الأزمة الحاصلة في البلاد، والأرجح أنّ البلاد ستحتاج إلى استغلال أفضل مواردها لإعادة الإعمار، لأنّ السياسات الاقتصادية ستكون لها كلمة الفصل في تحديد مصير سورية ومستقبلها. ولعلّ التركيز الأساسي ينبغي أن يكون على تنمية القطاع التربوي وتأمين فرص العمل للسوريين لتجنب خيبات الأمل الاجتماعية التي قد تهدّد استقرار أي بلد، ناهيك عن أنّ الإصلاح يجب أن يشمل كافة المناطق وأن يتناول الثغرات في البنى التحتية والخدمات الأساسية بشكلٍ خاص. 

اترك تعليقا