العراق : اقتصادٌ قائمٌ على النفط
سجّل العراق نمواً ثابتاً في إنتاج النفط الخام مع أكثر من 3 ملايين برميل في اليوم الواحد ومن المتوقّع أن يرتفع العدد إلى 6 ملايين مع بلوغ العام 2015. للأسف، لا يزال هذا القطاع الذي تعطّل لسنوات نتيجة السياسة يتعرّض اليوم لعقبات متمثّلة بالصراعات الداخلية بين الحكومة المركزية والحكومات المحلية، والفساد، والنقص في البنى التحتية الملائمة لنموّه.

يبيّن الجدول التالي نموّ إنتاج النفط الخام في العراق منذ العام 2007 وحتى العام 2011، مع الإشارة إلى أن النموّ كان ملحوظاً أيضاً في قدرات استيعاب مصافي النفط وفي معدّل الاستهلاك المحلي. تجدر الإشارة إلى أن الجدول واردٌ في آخر تقرير سنوي لمنظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول (أوابك).

نموّ إنتاج النفط الخام في العراق منذ العام 2007 وحتى العام 2011 (ألف برميل/ اليوم)

 

 

2011

2010

2009

2008

2007

إنتاج النفط الخام

2558.0

2358.0

2336.0

2280.5

2035.2

قدرة استيعاب المصافي القائمة

860.0

858.0

789.0

597.0

597.0

استهلاك النفط

590.8

538.5

495.4

417.1

344.6

صادرات النفط الخام

2166

1890

1960

1855

1643

بعد سنوات من العقوبات والاحتلال الأميركي، بدأ القطاع النفطي في العراق باالازدهار في العام 2009. فبعد دمارٍ شبه شاملٍ للقطاع الخاص خلال سنوات الحرب، شكّل النفط الملاذ الأول لإعادة إحياء الاقتصاد. في العام 2011، شكّل النفط ثلثي الناتج المحلي الإجمالي في العراق والواقع أن 90% من العائدات الحكومية ناتجة عن القطاع النفطي. كلّ هذا مهّد الطريق للمزيد من الإنفاق على البنى التحتية ومشاريع التنمية التي لا تسهم فقط في إعادة بناء ما تهدّم بل تساعد أيضاً في توسيع وتطوير الصناعة النفطية. فالعائدات المتأتية من إنتاج النفط يتم استثمارها في مشاريع بنى تحتية تمهّد بدورها للمزيد من النمو في القطاع النفطي وهكذا دواليك.

ومع أنّ العراق يحاول اليوم بناء وتوحيد الدولة بعد سنوات من الفراغ في السلطة، لا يزال الفساد مستشرياً في صميم المؤسسات وهو ما يظهر جليًا من خلال الرواتب المرتفعة لموظفي القطاع العام والمحسوبيات والمماطلة في الإجراءات الإدارية والتشريعية. في حال استمرار الحال على ما هي عليه، من المتوقّع أن يتباطأ نمو البنى التحتية ما ينعكس تراجعاً في ازدهار القطاع النفطي. والجدير بالذكر أنّ بعض المسؤولين يعمدون منذ أشهر على منع إقرار القوانين الرامية إلى تعديل رواتب موظفي الحكومة، ناهيك عن أن الوضع الهش للحكومة الفيدرالية يعيق الاتفاق أو الاجماع على قانون وطني لإدارة وتنظيم قطاع للنفط.

ظهر التباين بين حكومة نور المالكي المركزية وتطلعات حكومات المحافظات بشكلٍ واضحٍ مؤخراً حين بدأت المنطقة الكردية المستقلة تصدير النفط إلى تركيا فجاء الرد من الحكومة المركزية بمنع تصدير النفط من حكومات المحافظات من دون نيل الموافقة من بغداد أولاً. أما السبب الذي دفع الحكومة إلى فرض هذا الإجراء فهو عدم وجود أي اتفاق حول كيفية توزيع الأرباح الناتجة عن الصادرات النفطية، ويعبّر المالكي عن قلقه إزاء السياسات النفطية في المنطقة الكردية كونها قد تشجّع سائر المناطق على ممارسة استقلالية أكبر.

تأتي محاولة الحكومة فرض سلطتها على القطاع النفطي في وقتٍ لا يزال فيه النظام الفيدرالي مشرذماً وقد أعلنت وزارة النفط أنها ستعمد إلى مصادرة كافة موارد النفط أو الغاز الخارجة من العراق من دون إذنها، مما ينذر بتصعيد التوترات بين الحكومة المركزية وحكومات المحافظات ويحوّل النفط إلى عاملٍ إضافيٍ لزعزعة الاستقرار. أخيراً، وإلى أن يتم إقرار قانون وطني يضبط استخدام النفط، سيبقى هذا الأخير يلعب دوراً رئيسياً في تطوير عراق ما بعد الحرب وتعزيز المنحى السياسي الجديد.

اترك تعليقا