حدث في مثل هذا الشهر في المملكة الأردنية الهاشمية
تعود جذور الحياة السياسية في الأردن التي عرفت سابقاً باسم شرقي الأردن إلى فترة الحكم العثماني باعتبارها جزءاً من بلاد الشام، ممثّلة منذ العام 1908 بنائب في مجلس المبعوثان ضمن ولاية سوريا للواء الكرك في الجنوب وولاية الطيبة في الشمال.
مع انتهاء الحكم العثماني والبدء بتنفيذ معاهدة سايكس بيكو من قبل بريطانيا وفرنسا، أصبحت سوريا تحت الانتداب الفرنسي وسقطت بالتالي الحكومة العربية التي أسسها الملك فيصل في دمشق؛ أما شرقي الأردن فقد وقعت تحت النفوذ الإنجليزي بعد أن أوعزت الحكومة البريطانية لمندوبها السامي في فلسطين هربرت صموئيل بإدارة زمام الأمور فيها فقام بتشكيل حكومتين محليتين، الأولى في الكرك والأخرى في عمان وحكومة ثالثة تشكّلت فيما بعد في الطيبة ضمّت كافة مناطق شمال الأردن.
يرتبط تأسيس إمارة شرقي الأردن بالأمير عبد الله ابن الشريف حسين الذي ما إن وصل إليها حتى قام بدعوة أهاليها وحكوماتها المحلية للالتفاف حوله، الأمر الذي أثار قلق الفرنسيين بتهديد وجودهم في سوريا. قامت الحكومة البريطانية بالتوسط لفرنسا لدى الملك حسين لمنع إبنه الأمير عبد الله من القيام بأي تحرّك، مقابل أن تحقق بريطانيا لأهالي شرقي الأردن حكماً ذاتياً تحت إشراف الأمير عبد الله، وعليه تم إيفاد وزير المستعمرات «تشرتشل» لمقابلة الأمير عبد الله في آذار عام 1921 والاتفاق على تأسيس الإمارة وإنشاء حكومة دستورية كان أول رئيس لها رشيد طليع، وبذلك اختفت الحكومات المحلية واندمجت في حكومة واحدة هي حكومة إمارة شرقي الأردن في 25 أيار 1923 وفق معاهدة وقّعت بين الطرفين، أعطي فيها للإمارة حق الاستقلال بعد مضي خمس سنوات شرط توفر المقومات اللازمة لذلك.
تم تأليف مجلس الشورى ثم مجلس نيابي منتخب، وبالتالي يكون قد توفر الشرط الذي وضعته بريطانيا لإعطاء شرقي الأردن الاستقلال التام، إلا أنها استمرت بالمماطلة كي يتسنى لها الحصول على اتفاق مكتوب يضمن مصالحها، الأمر الذي أثار سخط الشعب، فتم رفع شكوى إلى عصبة الأمم من قبل الوفود الشعبية للمطالبة بإيفاد لجنة نزيهة للنظر في تحقق المطالب الوطنية؛ غير أن بريطانيا زادت من تدخلها في الشؤون الداخلية للبلاد، لاغيه قانون الانتخاب مخضعة القوات العسكرية المحلية لأوامر التفتيش إضافة لتقييدها الحريات السياسية والمساعدات المالية الممنوحة للإمارة.
بالرغم من تشكيل حكومة جديدة عام 1934 برئاسة إبراهيم هاشم وإجراء انتخابات نيابية إلا أن الخطر الصهيوني وتوسعه في فلسطين طغى على أفكار الناس زارعاً في نفوسهم الرعب حتى من نجاح الأمير عبد الله بن الحسين بإقناع الإنجليز باستثناء شرقي الأردن من وعد بلفور غير أن اليهود بقوا على قناعتهم بأن تلك الأرض هي جزء من أرض إسرائيل المزعومة، مخططين اختراق شرقي الأردن عبر شراء الأراضي بواسطة العملاء من جهة والحياة السياسية عبر الأحزاب الأردنية من جهة أخرى إذ كانت أول محاولة يهودية في هذا المجال عند اختراقها للحزب الحر المعتدل من خلال تسريبات قام بها أحد السياسيين لجهة الوكالة اليهودية. فشهدت تلك الفترة حتى 1937 توترات داخلية خاصة مع تطوع العديد من الأردنيين لدعم الثوار في فلسطين إضافة لزيادة حدّة معارضة الشعب للنفوذ البريطاني بعد التضييق التي مارسته تلك الأخيرة على الحريات الأمر الذي دفع بالحكومة البريطانية بتعديل بعض القوانين كقانون الملكية والأحوال الشخصية لعدم تفاقم الأمور.
دخلت إمارة شرق الأردن عام 1945 إلى جانب بريطانيا في الحرب العالمية الثانية ضدّ ألمانيا وإيطاليا أملاً بان يحتسب هذا الموقف لدى البريطانيين للحصول على الاستقلال التام بعد انتهاء الحرب. بناءً على موقف الإمارة في الحرب العالمية الثانية ونظراً لضغوط القوى الوطنية بالمطالبة بالاستقلال، تم دعوة الأمير عبد الله إلى لندن حيث أسفرت المفاوضات عن توقيع معاهدة جديدة موقعة من رئيس الحكومة إبراهيم هاشم ووزير الخارجية البريطاني أرنست بيفن في 12 آذار 1946، أطلق عليها اسم «معاهدة الصداقة والتحالف» اعترفت فيها الحكومة البريطانية بإنهاء انتدابها على شرقي الأردن وقيام “المملكة الأردنية الهاشمية” والبيعة لمؤسسها عبد الله بن الحسين، ملكاً دستورياً عليها ليسجّل يوم 25 أيار عيداً لاستقلال المملكة.
اترك تعليقا