الفقر في العراق
يعدّ العراق اليوم البلد الخامس في العالم من حيث احتياطي النفط الخام. وفقاً لشبكة الأنباء الأميركية الإنسانية IRIN، بلغت عائدات النفط العراقية في العام 2012، 94 مليار دولار أميركي ومن المتوقّع أن تتخطّى المئة مليار دولار أميركي في العام 2013. إلا أنّ معظم هذه المبالغ تمّ توظيفه في توسيع القطاع العام، ما يعني المزيد من الوظائف لموظّفي الدولة فحسب. ولم يقتصر الأمر على توظيف المزيد من العمّال بل ترجم ارتفاعاً في رواتبهم أيضاً. وعلى الرّغم من أنّ ذلك يعزّز نمو الطّبقة الوسطى، إلا أنّه لا يقدّم شيئاً للتخفيف من حدّة الفقر في البلاد، كما أنّه يحرم قطاعات أخرىأكثر أهمية كالبنى التحتية والصحة من الإنفاق. بالإضافة إلى ذلك، ونظراً إلى التضخّم الذي شهده العراق، أخفقت زيادة الرواتب في زيادة القدرة الشرائية للعراقيين ويقدّر البنك الدولي بأنّ 22.9% من الشعب العراقي يرزح تحت خطّ الفقر.
أمّا الحكومة المنشغلة في البحث عن التسويات التوافقية بين مختلف الأحزاب السياسية، فلا زالت تعاني من استشراء الفساد. تفيد منظّمة الشفافية العالميّة بأنّ العراق يأتي في المرتبة الثامنة عالمياً في حيث الفساد، وذلك بناءً على مؤشر مدركات الفساد للعام 2012. وعليه، يؤدي غياب الخدمات الأساسية كالمياه والكهرباء إلى إلقاء أعباء يومية إضافية على الشعب العراقي. كما أنّ نقص الاستثمارات في قطاع الصناعة والمستويات الخجولة للإنتاج الزراعي تفسح المجال أمام الواردات الرخيصة فتزيد بالتالي من إحباط الإنتاج المحلي.
أمّا القطاع الصحي فلم تقتصر معاناته على العقوبات الغربية وهجرة الأدمغة التي طالته في عهد صدّام، بل توسعّت لتطال المرافق العامّة التي تدمّرت بعد الغزو والسنوات المتعاقبة من العنف الطائفي. وإزاء الوضع المأساوي من حيث توفير الخدمات الأساسية كالماء والكهرباء، أخفق القطاع الصحي في تحقيق أي إصلاحات صارمة وعاجلة كما أنّه عجز عن تغطية المناطق الريفية النائية.
يشير تقرير شبكة الأنباء الأميركية الإنسانية بعنوان "العراق بعد عشر سنوات"، تقتبس فيه نتائج مسح شبكة معرفة العراق إلى أنّ 40% من العراقيين يصفون الخدمات الصحية بالسيّئة أو السيّئة جدّا.كما أنّ الأغلبية لا تستفيد من أي تأمين صحّي.
يشكو العراق اليوم من تفاقم الصراعات الطائفية وتلقي التحديات الأمنية والاجتماعية بظلالها على البلاد لتهدّد النسيج الاجتماعي العراقي في صميمه. والواقع أنّ دوّامة العنف هذه لا يمكن عكسها إلا من خلال برنامج تنمية شاملٍ على المستوى الوطني يؤمن للعراقيين جميعاً ودون تفرقة فرصاً متساوية في الأمن والعدالة والعمل والخدمات الأساسية، فتحسّن ظروف حياتهم وتمهّد الطريق للتخفيف من حدّة الفقر.
اترك تعليقا