حدث في مثل هذا الشّهر في سوريا-32 عاماً على إصدار الكنيست الإسرائيلي قرار ضمّ الجولان السوري وتطبيق القوانين الإسرائيلية عليه

بعد مناقشات سريعة أصدر الكنيست الإسرائيلي قراراً عاجلاً في 14 تشرين الثاني من العام ذاته، أطلق عليه “قانون هضبة الجولان” موقّع من الرئيس الإسرائيلي “إسحاق نافون” ورئيس حكومته “مناحيم بيغن” ووزير داخليته “يوسف بورغ”، بعد أن حاز على موافقة 62 صوتا من أحزاب الليكود، المفدال والعمل وعارضه 21 صوتا من الحزب الشيوعي وحركة تيلم وشينوى اليساريتين. وقف وقتها رئيس الوزراء الإسرائيلي بيغن أمام الكنيست ليعلن “أن هضبة الجولان كانت في الماضي جزءاً من فلسطين وان الذين رسموا حدود بلدان هذه المنطقة أثناء الحرب العالمية الأولى رسموا حدوداً اعتباطية مع سورية وها هو الوضع يُصحح من الآن فصاعداً لأن الذين لا عقل لهم وحدهم يعتقدون إن إسرائيل يمكن ان تنسحب من الجولان...” القرار الصهيوني هذا قوبل بالرفض القاطع من قبل الحكومة السورية ومجلس الأمن الدولي الذي أكّد أن الاستيلاء على الأراضي بالقوة غير مقبول بموجب ميثاق الأمم المتحدة، معتبراً قرار إسرائيل “برقم 197” باطلًا ومن دون فعالية قانونية على الصعيد الدولي.

قضى “قانون الجولان” الجديد بفرض السيطرة الإسرائيلية من قانون، قضاء وإدارة على الهضبة وأشارت الخارطة الملحقة بهذا القرار إلى المنطقة الواقعة بين الحدود الدولية من 1923 وخط الهدنة من 1974 كمنطقة خاضعة له كأنها جزء من محافظة الشمال الإسرائيلية، هذا وعدد سكان الجولان في الجزء الواقع غربي خط الهدنة 1974 قدّر وقتها بـ40 ألف نسمة، عشرين ألف منهم سكان أصليين من العرب الدروز والعلويين، بقوا في مجدل شمس، مسعدة، بقعاثا، عين قنية وقرية الغجر، إضافة لحوالي 17 ألف مستوطن إسرائيلي تمركزوا بعد 1967.

ممارسات إسرائيل في الجولان المحتلّ

هدفت إسرائيل من قرارها هذا إلى تعزيز وتوسيع المستعمرات اليهودية بشكل ينسجم مع الأهداف الإستراتيجية بمضامينها العسكرية، الاقتصادية والسياسية والاستيلاء على المزيد من الأراضي العربية بما فيها تلك التابعة بملكيتها إلى السكان في شمال الجولان بحجة إنها أراضي دولة، رغم ثبوت ملكية السكان إليها، ويعود طمع إسرائيل بهضبة الجولان لما يمثله الموقع من أهمية استراتيجيه، إذ بمجرد الوقوف على سفح الهضبة يمكن الكشف وبالعين المجردة على الشمال الشرقي من فلسطين المحتلة، إضافة إلى الأراضي السورية حتى أطراف العاصمة دمشق.

عمدت إسرائيل على ترويج الدعاوى الإيديولوجية الدينية التوراتية حول الروابط اليهودية التاريخية مع الجولان ومحيطه، مستبدلة الأسماء واللافتات العربية بلافتات عبرية وإنكليزية، كما هدّمت كل الآثار العربية القديمة والعمرانية التي بقيت في وسط وجنوب الجولان، بما فيها مدينة القنيطرة وفيق، إضافة للمراكز الإدارية والخدماتية وتحويلها إلى أماكن زراعية للمستعمرات من دون أن تنسى إظهار الجولان محلياً ودولياً في حال عودته للسيادة السورية على أنه يشكل تهديداً أمنياً خطيراً على أمن إسرائيل ومستعمراتها الشمالية من خلال أدواتها الإعلامية.

لم تغفل الحكومة الإسرائيلية من فرض منهاج تدريسي يعتمد في ركائزه على الطائفية والعنصرية على السكان الذين بقوا في الجولان من خلال ابراز التاريخ اليهودي في الكتب المدرسية وتجاهل التاريخ العربي والإسلامي، كما إعتمدت الأعياد اليهودية في الأعطال الرسمية وفرضت حصار كامل على السكان العرب السوريين، بقطع علاقتهم مع أبناء شعبهم وعائلاتهم في سوريا. وتجدر الاشارة إلى أن إسرائيل استطاعت بعد اقرار  قانون ضم الجولان في العام 1981 من تجنيس عدد من ابناء الجولان السوري المحتل عن طريق مساومتهم بجوانب حياتية عينية تمس حياتهم الشخصية، رغم رفض العديد منهم حمل الجنسية الاسرائيلية  والمشاركة في اي انتخابات اسرائيلية، برلمانية ام بلدية. 

جاء قرار ضم الجولان الى الكيان الصهيوني عام 1981 ليجسد الشكل العملي في محاولات ترسيخ الاطماع الصهيونية التي بدأت منذ العام 1967 حينما شرعت الحكومات الصهيونية المتعاقبة عن طريق قوتها الغاشمة باطلاق برامجها التوسعية عبر مصادرة المزيد من الاراضي الزراعية والاستيلاء على مصادر المياه في الجولان والشروع بعمليات “الاستيطان العسكرية” فيه في محاولة لسرقة انتماء، تاريخ وثروات هذه المنطقة من جذورها العربية السورية منذ آلاف السنين.‏

اترك تعليقا