حنّا سعادة - إلتهاب الكبد الفيروسي

إن تعرّض المرء لنقل الدم أو منتجات الدم هو الطريقة الأساسية للإصابة بالتهاب الكبد الفيروسي (ج)، ويتمّ حين يجري نقل دم أحد المصابين بالفيروس إلى دم شخص آخر عن غير قصد. لم يكن يتم فحص الدم أو منتجاته كالصفائح الدموية أو البلازما للتأكد من عدم احتوائها التهاب الكبد الفيروسي (ج) قبل العام 1992، إذ لم يكن قد تمّ اكتشاف الفيروس حينها. هذا يشير إلى إمكانية أن يكون الأشخاص الذين خضعوا لعملية نقل دم قبل 1992 قد تلقوا دماً ملوثاً وبالتالي تعرّضوا للالتهاب. وتسجّل هذه الحالة أعلى نسبها لدى الأشخاص المولودين بين 1945 و1965 فتبلغ نحو 4.3% في الولايات المتحدة الأميركية أو حتى أكثر في بعض البلدان الاخرى. وعليه، بات اليوم يتم فحص الفيروس لدى الاشخاص بين 48 و68 عاماً.

هناك ممرات أخرى تسهّل التعرّض لهذا الفيروس، نذكر منها حقنات المخدرات غير القانونية، إعادة استخدام الإبر والمحاقن، وغرزات الإبر العرضية. أما فيما يخص العمليات التجميلية كالوشوم والثقوب، فهي آمنة نسبياً ما لم يتم انتهاك إجراءات منع الالتهاب. والواقع أن عدم احترام إجراءات منع الالتهاب يؤدي إلى رفع نسب انتقال الفيروس إلى 8.9% في مراكز غسل الكلى في أميركا. أما نسب النتقال الفيروس جنسياً، فتتراوح بين 0% و0.6% لدى الأشخاص الملتزمين بشريك واحد فيما ترتفع إلى ما بين 0.4% و 1.8% لدى من يعاشر عدّة شركاء. تتراوح نسبة انتقال الفيروس من الأمهات المصابات بالالتهاب إلى المواليد الجدد بين 4% و 7% ومن المفضّل عدم استخدام فراشي الأسنان والشفرات وقلامات الأظافر عينها لتجنب خطر انتقال الفيروس عبرها.

يعدّ فحص التهاب الكبد الفيروسي (ج) ضرورياً لدى الأشخاص المعرضين لخطر الإصابة به ولدى المرض الذين يعانون من عيوبٍ غير مبرّرة في انزيمات الكبد، علماً أن عدم وجود أي تشوّه في انزيمات الكبد لا يلغي بالضرورة إمكانية تشخيص التهاب الكبد الفيروسي (ج). إن المرضى الذن يشتكون من تعب غير مبرّر أو غثيان أو وجع في البطن أو التهاب في المفاصل أو أمراض في الكلى أو الدم أو الغدة الدراقية أو التهابات أخرى، قد يكونون حاملين لالتهاب الكبد الفيروسي (ج) من دون علمهم. ويبقى فحص الأجسام المضادة لالتهاب الكبد الفيروسي مسألة اختيارية نظراً لحساسيتها ودقتها.

قد يبقى التهاب الكبد الفيروسي (ج) صامتاً لعدة سنوات وقد لا يظهر المرضى أية أعراضٍ إطلاقاٌ . في المقابل، قد يطوّر 15% إلى 20% من مرضى الالتهاب المزمن مرض التليّف الكبدي، و3% من هؤلاء هم عرضة لتطوير سرطان الكبد كل عام. من المفضّل أن يتجنب المرضى استهلاك الكحول كما ينبغي عليهم استخدام الأدوية بحذر، لكن من غير المحبّذ تخفيض نسبة استهلاك البروتينات كونه يؤدي إلى سوء في التغذية، خصوصاً لدى مرضى التليّف الكبدي.

ما من لقاح ضد التهاب الكبد الفيروسي (ج)، لكن على المرضى تناول لقاحات ضد التهاب الكبد الفيروسي (ب) و (أ) وضد الانفلونزا والالتهاب الرئوي والكزاز والسعال الديكي والخناق...

يختلف علاج التهاب الكبد الفيروسي (ج) باختلاف النوع الجيني الفيروس، فيعدّ النوع الأول الأكثر استجابةً للعلاج على عكس النوع الثاني وحتى السادس. يضني علاج التهاب الكبد الفيروسي المريض، فهو يدوم من 6 إلى 12 شهراً، وتترتّب عنه آثار جانبية، والشفاء ليس محتّماً لجميع الذين يتمكنون من إكمال علاجهم. لذلك، لا بدّ من متابعة دقيقة لحال المرضى الذين لم يمتثلوا إلى الشفاء لأن ثلث هؤلاء معرض لتطوير التليّف أو السرطان الكبدي وقد يحتاجون إلى زراعة كبدٍ جديد. يعدّ التهاب الكبد الفيروسي من أبرز الأسباب المؤدية إلى زراعة الكبد اليوم.

في حال فحص جميع المولودين بين 1945 و1955 في الولايات الأميركية المتحدة، من المرجّح أن تسفر النتائج عن تشخيص 800,000 حالة جديدة من التهاب الكبد الفيروسي، وقد يرتفع هذا الرقم إلى عدة ملايين لدى تعميم الفحوصات على كافة البلدان. وقد تبيّن أن معالجة نواقل الأعراض الصامتة قبل استسلامها للتليف أو السرطان مهمة مكلفة وتستوجب تسخير موارد صحية هائلة لا تقوى كافة البلدان على جمعها.

إن الاشتباه بإمكانية وجود التهاب الكبد الفيروسي (ج) أمرٌ ضروري، خصوصاً لدى المرضى الذين يظهرون عوارض غير مبرّرة وعصية على التشخيص من دون أية تشوهات على مستوى أنزيمات الكبد. 

اترك تعليقا