ميشال نوفل - كيف تتخطّى الخوف من ركوب الطائرة

يستقطب رهاب الطيران اهتماماً أكبر من سواه من أمراض الرهاب لأنّه يصعب في الغالب اجتناب السفر بالطائرة. فالخوف من هذه التجربة قد يحرم المرء من الاستمتاع بإجازة أو زيارة الأقارب والأصدقاء المقيمين في الخارج حتى أنّه قد يعطّل عمل رجال الأعمال عبر منعهم من القيام بسفرات مهنية.

يشتمل رهاب الطيران على إحدى أو مجموعة من أمراض الرهاب التالية: رهاب الأماكن المغلقة، رهاب المرتفعات ورهاب الخلاء.

رهاب الطيران رهابٌ مكتسب، فالحقيقة أنّ معظم الأطفال يستمتعون بالسفر جواً ويستهوون اللعب بالطائرات، أما الخوف من هذه التجربة فيظهر في مرحلةٍ متقدّمةٍ من العمر حين يصبح المرء واعياً للمخاطر المحتملة من جراء الطيران. الجهل نعمةُ في هذه الحال! فكلّما ازداد جهلك، كلما انكسر خوفك. تبيّن الإحصاءات أنّ الطائرات تفوق وسائل النقل الأخرى بأشواطٍ من حيث الأمان، والانطباع الشائع عن خطورتها مردّه إلى تغطية وسائل الإعلام لحوادث تحطّم الطائرات فقط وعدم عرضها لعمليات الهبوط الناجحة.

والواقع أنّ الخوف من الطيران يتفاقم بفعل معرفتنا المحدودة بالطائرات وجهلنا لكيفية عملها، فسوء فهمنا لأصول الطيران قد يولّد لدينا رهاباً غير مبرّر من ركوب الطائرة. على سبيل المثال، يخطىء الكثيرون في اعتقادهم أن محرّكات الطائرة الخطية هي التي تمكّنها من أن تطوف في الهواء لكنّ الحقيقة هي أنّ كافة الطائرات ذات الأجنحة الثابتة تنحدر دون الاستعانة بقوة المحرّك الذي يصلح للحفاظ على مستوىً معين من العلوّ.

من الصعب على المرء التخيّل كيف يمكن للطائرة أن تبقى معلّقة في الهواء وهذا سبب أساسي للرهاب لديه، لكنّ إدراكه وفهمه لقوانين الفيزياء التي تنظّم هذه العملية قد تساعد على تبديد خوفه من الطيران. وفيما يلي بعض النصائح التي قد تساعد على تخطي رهاب الطيران:

  • جمع المعلومات حول تقنيات الطيران

  • التركيز على الهدف من الرحلة عوضاً عن فعل الطيران بحدّ ذاته

  • التحدّث إلى الأشخاص الجالسين بجانبك في الطائرة

  • مشاهدة فيلم/الاستماع إلى الموسيقى/القراءة

  • إنهاء الفروض المنزلية أو المهنية

  • أخذ الصور

علاج رهاب الطيران

إن تثقيف مرضى الرهاب حول حقيقة السفر جواً من شأنه أن يبدّد القلق المرتبط بالسلامة الجسدية، ففهم عملية الطيران وغيرها من النواحي الجوية بطريقة عملية من شأنه أن يساعد المريض على تجاوز طبيعة خوفه المفرط وغير المبرّر. وتجدر الإشارة إلى أن الكثيرين تخطوا هذا الرهاب عبر تعلّمهم قيادة الطائرة أو ممارستهم القفز بالمظلة أي بعد إزالة خوفهم من المجهول.

للعلاج النفسي دور لا يستهان به في الدفع نحو التخلّص من الرهاب. فالإنسان القلق عادةً ما يوازي «الحذر» «بالخوف» ويعتقد أنّ شعوره بالخوف مؤشّر أكيد على وجود الخطر. في حال تواجد أحد المصابين بالرهاب في مقصورة الطيار، يكفي أن يرى معالم وجه الطيّار المسترخية ليطمئن أنّ الحركة أو الضجة المفاجئة لا تشكّل خطراً. ولكن حين تكون المعلومات ضبابية في الحجرة، يصبح من المستحيل التأكّد من وجود الخطر أو عدمه، فيستمرّ إفراز هورمونات التوتّر ومع ازدياد معدّلات التوتّر، يزداد القلق ومعه الاستعجال للفرار. وبما أنّ الفرار جسدياً غير ممكن، تسيطر حالة من الذعر على المرء إلا في حال تمكّنه من إيجاد مخرج نفسي من خلال الإنكار، أو الفصل أو السهو.

تساعد المقاربة المعرفية المريض على التمييز بين الحذر والخوف وبين الخوف والخطر وهي فعّالة حين لا يكون لدى المريض تاريخاً من الذعر. ولكن واقع أنّ الذعر خلال الرحلة الجوية يتطوّر سريعاً، غالباً من خلال سلسلة عمليات لا يدركها المرء، وقد تخفق الإجراءات الواعية في التواصل مع العمليات غير الواعية التي تسبّب الذعر أو في مجاراة سرعتها. 

اترك تعليقا