حلقة حوار الدولية للمعلومات - زواج القاصرات بين الشرع والقانون

القاضي جون القزي رئيس محكمة الأحوال الشخصية سابقاً والمستشار في محكمة التمييز في بيروت، أكد على وجوب تطوير القوانين لأن للقوانين تاريخ انتهاء صلاحية كما كل شيء، وما كان صالحاً قبل سنوات لم يعد كذلك اليوم، وسن الالتزام القانوني هو 18 سنة وتبعاً لنص المادة 215 من قانون الموجبات والعقود وفي صميم هذا الالتزام الرضى، ولا يمكن أن يكون الرضى معيوباً لاسيما عيبين: الإكراه وفقدان الأهلية.

وكل عقد كي تنجح مفاعيله يجب أن يكون مستوفياً هذين الشرطين، ونحن نصطدم عند التطبيق أن هناك طائفة من العقود أخرجت تبعاً للخصوصية الطائفية وخضعت لتنظيمات خاصة في قوانين الأحوال الشخصية، وأصبح المواطن يشعر بازدواجية أو لديه أمور يخضع لها وفقاً لأنظمة معينة وأمور أخرى يخضع لها وفقاً لأنظمة أخرى مغايرة. في أمور الأسرة هناك ضوابط معينة مثلاً سن الحضانة حيث بدأت بعض الطوائف برفعها والأمر نفسه يجب رفع سن الزواج وجعله موحداً بسن 18، يمكن الاتفاق على سن آخر تمهيداً للوصول إلى سن 18. حالياً تحصل زيجات في سن 10 و11 سنة ما هو موقف القانون المدني منها؟ القانون المدني يعاقب عليها فالمادة 483 من قانون العقوبات التي تنص على: إذا عقد أحد رجال الدين زواجاً على قاصر لم يتم الثامنة عشرة من عمره دون أن يدون في العقد رضى من له الولاية على القاصر أو أن يستعاض عنه بإذن القاضي عوقب بالغرامة من خمسين ألف ليرة إلى خمسماية ألف ليرة.

وهناك أيضاً المادة 485 المتعلقة بالزواج الثاني والمادة 514 تعاقب على الخطف بقصد الزواج. وخلص القزي مقترحاً العديد من الخطوات لمعالجة مشكلة زواج القاصرات من خلال:

  • إنشاء وزارة لشؤون الأسرة

  • إنشاء محكمة خاصة بقضايا الأسرة

  • إنشاء نيابة عامة أسرية

  • تخصص قضاة معنيين في قضايا الأسرة أسوة بفرنسا

الأب عبدو رعد: النائب العام في الرهبانية المخلصية توقف عند خطورة هذا الزواج.

واعتبر أن موضوع زواج القاصرات آفة اجتماعية تهدد الأطفال والمرأة والمجتمع معاً. ويبدو انه أحد الأمراض الخطيرة لأنه يسبب موتاً جسدياً (في اليمن سنوياً يموت حوالي 90.000 طفلة بسببه. يعني أضعاف شهداء ما يسمى بالربيع العربي) وموتاً روحياً ونفسياً. في لبنان بات الموضوع مطروحاً علناً لاسيما في ظل النزوح السوري.

وقال: “في المسيحية فإن سن الزواج المتعارف عليه هو 18 سنة، أما في القوانين فإن السن المحدد يختلف ايضاً من مذهب إلى أخر ومن قانون إلى أخر. فهو اقله 14 سنة للأنثى و16 سنة للذكر. وفي الكنيسة الكاثوليكية تعتبر الزواج قبل هذا العمر باطلاً. وهناك تفسيحات استثنائية وتشترط موافقة الأهل للزواج قبل سن الـ 18. من هنا فإن القوانين اللبنانية لم تحدد سن الزواج، لكنها حددت سن 18 للأهلية القانونية وسن 21 للترشح والانتخاب ودخول الجمعيات وما إلى ذلك.

وبالنسبة لشرعة حقوق الطفل كل من هو دون الـ 18 هو طفل. وبالتالي لا يجوز أن يتم زواج الأطفال. واقترح:

  • تبرئة الله من الخلافات الدينية

  • تحديد سن زواج يعتمد على معايير علمية ومعاصرة للبلوغ، فلا تقتصر المسألة على البلوغ الجنسي، إنما تطال النفسي والاقتصادي.

  • قراءة معاصرة لبعض زواج القاصرين أو القاصرات تضع الأمور في نصابها فلا تكونن حجة للاستغلاليين. تقول بعض الروايات إن العذراء مريم خطبت ليوسف بعمر الثالثة او الرابعة عشر، ولا ينكر أحد أن الطفلة عائشة تزوجت من النبي بعمر 9 سنوات. لكن هذا لا يعني أن ما صح في الماضي يصح اليوم، ولا يعني انه إذا تفوق طفل في أمر ودخل الجامعة بعمر العشر سنوات، يصبح إدخال الأطفال إلى الجامعة قانونياً بعمر عشر سنوات.

  • وضع عقوبات صارمة لمن يقوم بمخالفة هذا القانون أكان من القضاة أو من أولياء الأمر.

  • رفع مستوى الاهتمام بثقافة مجتمعية عامة تبعد العنف عن المرأة قاصرة كانت ام راشدة.

وجاء في كلمة القاضي المتقاعد في المحكمة الشرعية السنية الشيخ مهدي شلق:

الزواج عقد شرعي يبيح العشرة بين الرجل والمرأة وهو عقد مدني بحت، يتم بالإيجاب والقبول ويحدد ما لكل منهما من حقوق وما عليهما من واجبات شرط أن تكون محلاً للعقد غير محرمة على الرجال. وتحدث عن معنى الولاية قائلاً: الولاية هي عبارة عن قوة شرعية يملك صاحبها حق التصرف في شؤون غيره جبراً أو اختياراً، وهذه الولاية من حق العصبات الأقرب فالأقرب إلى القاصر وفق ترتيبهم في الإرث حيث يكون العصبات للولاية من جهة البنوة ثم الأبوة ثم الأخوة.

فالولاية تكون على البالغة والبكر والثيب (غير العذراء) ولاية اختيار وولاية إجبار على الصغير والصغيرة وما يلحق بهما من الكبار غير المكلفين. والولاية على النفس هي المقصودة في موضوعنا اليوم، فيصح تزويج الصغيرة ويصح العقد وتكون الولاية للأب ثم لجد الأب وعن بعدهما من العصبات وللقاضي الشرعي الولاية على من لا ولي له.

فإذا امتنع الأب عن تزويج الصغيرة فإما أن يكون امتناعه بحق أو بغير حق، فإذا كان الخاطب غير كفوء لها وأبدى سبباً مقبولاً فلا حق لأحد أن يزوجها. وإذا لم يبد سبباً مقبولاً في عدم الزواج فان كان الخاطب كفؤ لها وامتنع . فللقاضي الحق في تزويجها في هذه الحالة.

ويحق للبكر البالغ أن تزوج نفسها بغير إذن وليها إذا تزوجت بكفوء لها، أما إذا كان غير كفوء لها فللولي رفع الأمر للقاضي بطلب فسخه وهو ما هو معمول به في محاكمنا الشرعية، ولا يجوز لأحد أصلاً أن يزوج الصغير الذي لم يتم السابعة عشرة والصغيرة التي لم تتم التاسعة، وختم قائلاً لا مانع من تحديد سن الزواج للفتاة بـ 17 سنة.

وقال الشيخ يوسف سبيتي من المكتب الشرعي للسيد محمد حسين فضل الله: لقد استفزني كثيراً ما حصل في الأسابيع الماضية ونسب إلى الإسلام وقيل بكل جرأة أن الشرع يسمح بهذا، لا ليس صحيحاً هذا الأمر الإسلام لا يسمح بخطف فتاة قاصر ثم إجراء عقد الزواج عليها بحجة إنها بالغة وإنها تزوجت باختيارها مع عدم وجود ولي الأمر، الذي هو أبوها هنا أو جدها إذا كان أبوها متوفياً، حتى لو قيل أن بعض الفقهاء يجوزون العقد على الفتاة البالغة ولا تحتاج إلى إذن ولي الأمر، هذا الكلام غير صحيح ، لان رأي هذا الفقيه وهو سماحة العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله (رض) يفترض “البالغة الرشيدة” يعني ليس مجرد البلوغ كافياً في أن تتزوج من دون إذن أبيها، بل يجب أن تكون رشيدة، والرشد ليس له عمر محدد فإذا كان البلوغ يكون بين سن الحادية عشرة والثالثة عشرة فهي شرعاً لا تكون رشيدة، وقد يكون لها من العمر سبع عشرة سنة ولا تكون رشيدة، فلذا خصوصاً في موضوع الزواج لا يمكن إهمال رأي الأب لأن الزواج هو مسؤولية وهذه المسؤولية تحتاج إلى رشد.

مع ذلك لا مانع من تبني قانون يمنع زواج القاصرات حتى مع إذن الأب حتى نخرج من حالة الفوضى هذه.

ثم كانت مداخلات لعدد من الحاضرين لاسيما المحامية بشرى الخليل، الدكتور محمد المغربي، الدكتور محمد صالح، الدكتور الياس البراج، المحامي مشهور حيدر، المحامية فاديا غانم، الصحفية هديل فرفور، الذين أجمعوا على ضرورة جعل سن الزواج يتطابق مع سن الأهلية القانونية أي 18 سنة.

في الختام تم الإجماع على ضرورة تحديث النظرة الشرعية ورفع سن الزواج لدى الفتاة إلى 18 سنة فما كان صالحاً أو استثناءً في الماضي لا يمكن تعميمه اليوم.

 
شاهد الجدول كاملا
 
 

 

اترك تعليقا