الخطأ الطبي يحصل أما إثباته فصعب

الخطأ الطبي والقانون

تجعل المسؤولية الطبية الطبيب موضع انتقاد أكثر من غيره من أصحاب المهن لأنه يهتم بالإنسان أثمن وأغلى ما في الوجود. والطبيب هو الشخص الذي لديه الخبرة والكفاءة في نظر المريض، أو المؤسسة التي يعمل لديها، على شفاء المريض، وإذا حصل خطأ أثناء معالجة المريض فلا تكون للطبيب الفرصة في تصحيح الخطأ خاصة اذ أصاب الموت المريض أو ألحق به عطلاً دائماً لا شفاء منه.

وقد عرف الفقه القانوني في لبنان الخطأ المهني “بأنه الخطأ الذي يرتكبه أصحاب المهن أثناء ممارستهم لمهنهم ويخرجون فيها عن السلوك المهني المألوف طبقاً للأصول المعتمدة. وقد حددت المادة 122 من قانون الموجبات والعقود بأن المبدأ العام في المسؤولية يقضي بأن كل عمل من أحد الناس ينجم عنه ضرر غير مشروع بمصلحة الغير، يجبر فاعله إذا كان مميزاً على التعويض، وإذا صدرت الإضرار عن شخص غير مميز، ولم يستطيع المتضرر أن يحصل على التعويض ممن يناط به أمر المحافظة على ذلك الشخص. فيحق للقاضي مع مراعاة حالة الفريقين أن يحكم على فاعل الضرر بتعويض عادل”.

كما أن واجب الطبيب الذي يقوم بعلاج مريضه أن يقدم أفضل ما لديه في سبيل العلاج وأن يبذل أقصى عنايته وأن يضع في خدمته كافة الوسائل التي يملكها والأمر ليس متعلقاً بضمان الشفاء الذي يبقى مرتبطاً بعوامل مختلفة وقد لا تكون من ضمنها عامل الشفاء. فالمطلوب بذل الجهد والعناية، إما النتيجة فشأن آخر وإذا أخل الطبيب بواجبه تجاه مريضه قد يكون قد ارتكب خطأ يجب أن يسأل عنه ويحاسب عليه.

وبالتالي فإن الأخطاء الطبية تنجم عن حالتين:

الحالة الأولى:

وهو الخطأ المتعلق بالواجبات الإنسانية من خلال الأمور التالية:

  • رفض الطبيب دعوة المريض، وقد فرض قانون الآداب الطبية رقم 288 تاريخ 14 شباط 1994 أنه على الطبيب مهما كان عمله واختصاصه إذا كان متواجداً مع مريض أو جريح في حالة الخطر أن يساعد هذا المريض أو الجريح وان يتأكد من حصوله على الإسعافات اللازمة الا في حالة القوة القاهرة.

  • الحصول على رضى المريض.

  • السر الطبي وحدود إفشاء هذا السر وظروفه.

  • القتل الرحيم.

  • التلقيح الاصطناعي

  • عدم قيام الطبيب بإعلام المريض بوضعه الصحي ليكون على بينة من أمره وليستطيع أن يوازن بين الفائدة المرجوة والمخاطر المحققة. ونص على ذلك قانون حقوق المرضى والموافقة المستنيرة رقم 574 تاريخ 11 شباط 2004.

الحالة الثانية:

وهي حالات الخطأ المتعلق بالواجبات التقنية ومنها:

  • الخطأ في التشخيص

  • اختيار أساليب العلاج

  • العمليات الجراحية

  • موجب ضمان سلامة المريض

إلى هذه الأخطاء هناك حالات الأخطاء الطبية في المستشفيات العامة والخاصة.

إثبات الخطأ الطبي

قد يكون من الصعب في معظم الحالات إثبات حصول الخطأ الطبي لأنه من الصعب إقامة الدليل أمام القضاء على واقعة أو عمل قانوني يسند إلى أي منهما طلب أو دفع أو دفاع، فالمريض هو الحلقة الأضعف في العلاقة مع الطبيب حيث يكون غير عالم بالمعطيات العلمية أو حتى فاقداً للوعي أثناء وقوع الخطأ الطبي، وقد يكون في وضع صحي سيئ، أو قد لا تسمح له إمكانياته المالية بإقامة دعوى ومتابعتها بحق من ارتكب الخطأ (طبيب، أو فريق يعمل في المستشفى، أو المستشفى).

الأخطاء الطبية

كما ذكرنا من الصعب إثبات الخطأ الطبي وبالتالي فهناك عشرات ربما مئات الأخطاء الطبية التي ألحقت الضرر أو أدت إلى وفاة المريض ولكن معظم هذه الحالات لم يكشف عنها.

يقول نقيب الأطباء السابق الدكتور شرف أبو شرف إن هناك أخطاء طبية تحصل سواء كانت صادرة عن الطبيب أو المستشفى وان النقابة تلجأ إلى إثبات الخطأ الطبي عبر لجنة التحقيقات، وإن ما بين 130-150 شكوى ترد إلى النقابة سنوياً ويتبين أن 30% من حالات الخطأ سببها الطبيب وتتم محاسبته من خلال لومه أو توجيه إنذار أو فصله وتم شطب 4 أطباء من النقابة منذ نحو 4 أسابيع. ومن النماذج التي وردت في الصحف عن الأخطاء الطبية:

  • هدى الحلاق من بلدة النبي يوشع في قضاء المنية توفيت في إحدى مستشفيات طرابلس التي دخلتها إثر رضوض تعرضت لها بعدما زلت قدمها وهي تقوم بأعمال منزلية. (كانون الأول 2009).

  • كلوديا طحان فلسطينية من مخيم عين الحلوة توفيت أثناء إجراء عملية ولادة في مستشفى تابع للهلال الأحمر الفلسطيني. (أيلول 2012).

  • سلمى الحسيني دخلت إلى إحدى مستشفيات صور لوجود كسر صغير في أسفل رجلها ويحتاج إلى تجبير وبعد خضوعها للتخدير لإجراء العملية دخلت في الغيبوبة. (تشرين الأول 2012).

  • وفاة ريتا جبرايل زغيب المرأة الحامل في شهرها السابع مع جنينها، وتم توقيف الطبيب المعالج وإخلاء سبيله بكفالة مالية بلغت 50 مليون ليرة. (أيار 2012).

  • وفاة الطفل انطوني عبود البالغ من العمر 37 يوماً بعدما دخل إلى إحدى المستشفيات لإجراء جراحة الفتاق. (آذار 2012).   

اترك تعليقا