هل يسبب قانون الإيجارات ركودًا اقتصاديًا؟

عقد مجلس النواب اللبناني على مدى يومي الخميس والجمعة في 14 و15 كانون الأول 2023 جلسة تشريعية أقرّ فيها عددًا من مشاريع واقتراحات القوانين المهمّة والأساسيّة، غير أنّ الاهتمام السياسي، كما الشعبي، انصبّ على اقتراح قانون التّمديد لقائد الجيش اللبناني وقادة الأجهزة الأمنية لمدة سنة. ولم تهتمّ إلا أقلّية بإقرار المجلس النيابي لقانون إيجارات المباني غير السكنيّة على الرغم من تداعياته الكبيرة على الاقتصاد.

ماذا عن القانون؟

كان من الطبيعي والضروري إقرار قانون جديد لإيجارات العقارات غير السكنيّة لتعويض المالكين عن جزء من خسارة قيمة الإيجار، إذ وصلت قيمة إيجار بعض المحلات إلى مبلغ يتراوح بين 10 دولارات ومئة دولار شهريًا، في حين أن أرباح هذه المحلات قد تزيد عن 10 آلاف دولار شهريًا، فبعض المستأجرين يحقّقون أرباحًا طائلة في معظم الأحيان على حساب المالكين.

وممّا جاء في القانون البنود التالية:

  • يحدّد بدل الإيجار بنسبة 8% من القيمة البيعيّة للعقار، مثالًا، إذا كانت القيمة 100 ألف دولار يكون بدل الإيجار 8 آلاف دولار سنويًا.
  • في حال رفض المالك تمديد عقد الإيجار، يبقى المستأجر يدفع بدل الإيجار القديم لمدّة سنتين على أن يخلي المأجور بعد ذلك.

  • في حال موافقة المالك، يتمّ تمديد عقد الإيجار القديم لمدة 4 سنوات لتصبح بعد ذلك حرّة. ورفعت، خلال فترة السنوات الأربع، قيمة بدل الإيجار وفقًا للتالي:

  • 25% من قيمة فارق الزيادة بين البدل المعمول به قبل نفاذ هذا القانون وبدل المثل المحدّد (8% من القيمة البيعية للعقار) وذلك عن السنة الأولى.
  • 50% من قيمة الفارق عن السنة الثانية.
  • 100% عن السنتين الثالثة والرابعة.

مثالًا على ذلك، من كان إيجاره الشهري قبل نفاذ القانون 10 دولارات وقيمة العقار 100 ألف دولار، يكون البدل 8 آلاف دولار سنويًا أي 667 دولارًا شهريًا، والفارق هو 657 دولارًا. يدفع في السنة الأولى 164 دولارًا شهريًا، وفي السنة الثانية 328 دولارًا شهريًا، وفي السنتين الثالثة والرابعة 667 دولارًا شهريًا.

من مساوئ القانون

جاء هذا القانون في ظل أوضاع استثنائية متدهورة اقتصاديًا، وكان يتوجّب:

  1.  إقرار قانون لفترة السنة أو السنتين القادمتين بشكل يُنصف المالكين (ومعظمهم يستحقّون) ولا يطال ضرره المستأجرين، خصوصًا مستأجري المحلات الصغيرة التي لا تحقّق إلا نذرًا يسيرًا من الإيرادات، وأي زيادة في الإيجارات ستدفعها إلى الإقفال وصرف العمال (في حال تواجدهم)، وبالتالي إلحاق الضرر بالاقتصاد.
  2. أمّا إذا كانت رغبة المشترع إقرار قانون دائم، فإنّ تحرير الإيجارات يجب أن تكون بعده فترة يتمّ تحديدها بناء على دراسة تفصيلية ومسح ميداني لدراسة وضع المالكين ووضع المستأجرين بحيث يتوقّف استغلال بعض المستأجرين المتمكنين ماديًا للمالكين الذين ظلموا ولا يظلم المستأجرين ذات الإمكانيات الضعيفة، على أن تكون الزيادات خلال هذه الفترة مقبولة.
  3. كما أنّ تحديد قيمة بدل الايجار بنسبة 8% من القيمة البيعية للعقار تعتبر نسبة مرتفعة وكان يجب ان تكون ما بين 3% و5% كحد أقصى.

وقد يلحق تطبيق هذا القانون الضرر بالقطاعات الإنتاجية إذ تشير التقديرات- التي تحتاج إلى دراسة دقيقة- إلى أنّ أكثر من 120 ألف محلّ سيكون عرضة للإقفال لعجز المستأجرين عن تحمّل كلفة الزيادة الموعودة للمالكين.

ملاحظة: أصدر رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي مساء يوم الثلاثاء في 26 كانون الأول تعليماته إلى الأمانة العامة لرئاسة مجلس الوزراء بنشر 11 قانون أقرّها مجلس النواب في جلسته يومي 14 و15 كانون الأول وتأجيل نشر 3 قوانين أخرى من بينها قانون إيجارات الأماكن غير السكنية موضوع مقالتنا وذلك لعرضها مجدداً على مجلس الوزراء لاتّخاذ القرار المناسب.

وقرار الرئيس ميقاتي هذا قد يعتبره البعض مخالفًا للدستور بالرغم من أنّه قد يشكّل إنصافًا للمستأجرين في حال عدم نشر القانون.

 

اترك تعليقا