تمويل صندوق استرجاع الودائع  بعبارات فضفاضة وافتقاد لآلية التنفيذ

وافق مجلس الوزراء في الأول من تشرين الثاني من العام 2023 على مشروع قانون يحمل عنوان "قانون لتخصيص بعض الإيرادات الضريبيّة لتمويل صندوق استرجاع الودائع"، وأحيل هذا المشروع على مجلس النواب بموجب مرسوم تمّ إصداره وكالةً عن رئيس الجمهورية، رقمه 3/2023 بتاريخ 1/11/2023 .


وعلى الرغم من أنّ عنوان مشروع القانون يتضمّن في عنوانه عبارة "تمويل صندوق استرجاع الودائع"، إلّا أنّه لا يتضمّن آلية عمل هذا الصندوق ولا إنشاءه، إنّما يعتمد عبارة "الصندوق المقترح إنشائه من قبل السلطة التنفيذية في سياق اقتراح قانون إطار لإعادة التوازن للإنتظام المالي في لبنان أو أي صندوق آخر مخصص لنفس الغاية"، مما يعني أنّ الصندوق مرتبط باقتراح مزمع تحضيره ومعلّق على خطة تعيد الانتظام المالي، وكلّ هذه العبارات ليست إلّا عبارات فضفاضة لا تسمن ولا تغني.

ضريبة على أرباح المقترضين

بعد الاطّلاع على مشروع القانون، يمكن تبيّن أهمّ ملامحه، وهي:

  • إنّه قانون يفرض ضريبة على الأرباح التي حقّقها بعض المقترضين نتيجة تسديد القروض التي سبقت الأزمة الماليّة والتي كانت بعملة غير الليرة اللبنانية،
  • يشمل  القانون المقترضين لدى المصارف والمؤسّسات الماليّة العاملة في لبنان، الذين أعادوا تسديد متوجباتهم وديونهم بسعر صرف وبقيمة مختلفة عن القيمة الفعليّة لديونهم، أي أنّه يشمل المقترضين الذين حقّقوا أرباحًا من خلال فروقات الصرف والتسديد،
  • يشترط القانون أنّه لم يسقط استدراك هذه الأرباح بعد، بعامل مرور الزمن وفقًا للأصول والقوانين المرعية، علمًا بأنّ مهلة مرور الزمن محدّدة بموجب قانون الإجراءات الضريبيّة بـ 4 سنوات بعد انتهاء السنة التي تلي سنة الأعمال، و6 سنوات بالنسبة للمكلّفين المكتومين أي غير المسجّلين لدى الإدارة الضريبيّة.
  •  يفترض القانون بأنّ أرباحًا قد تحقّقت في لبنان بنتيجة نشاطٍ حاصل داخل الأراضي اللّبنانيّة، ويفرض عليها ضريبة بمفعولٍ رجعيّ.
  • لم يحدّد القانون المعدّل المفترض تطبيقه على هذه الأرباح المفترضة،
  • لم يشمل  القانون الأرباح التي حقّقها المقترضون نتيجة تسديد القروض التي كانت باللّيرة اللّبنانيّة وفقدت قيمتها الشرائيّة، فتمّ تسديدها ببضعة آلاف من الدولارات بدلا من مئات الآلاف.

ما هي القروض التي لا يشملها هذا المشروع؟

لا يشمل هذا القانون:

  • القروض السكنيّة والاستهلاكيّة الفرديّة،
  • قروض التجزئة الشخصيّة للأشخاص الطبيعيّين التي لا تزيد قيمتها بتاريخ منحها عن 100 ألف دولار أميركي أو ما يعادلها بتاريخه بالعملة الوطنية.

تجدر الإشارة إلى أن نائب رئيس مجلس الوزراء، كان قد رفع كتابًا إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء، أرفقه بمشروع قانون لتخصيص بعض الإيرادات الضريبيّة لتمويل صندوق استرجاع الودائع، بعد مشاورات مع لجنة الدفاع عن حقوق المودعين في نقابة المحامين.

تسديد القروض بغير عملتها

لماذا قبلت المصارف تسديد القروض بالليرة اللبنانية في حين أنّها، في الأساس، بالعملات الأجنبية؟

عند  بدء الأزمة النقديّة في العام 2020، أصدر مصرف لبنان القرار الوسيط رقم 13260 الصادر في 26/8/2020، ملزمًا المصارف والمؤسّسات الماليّة العاملة في لبنان بقبول تسديد العملاء الأقساط أو الدفعات المستحقّة بالعملات الأجنبيّة الناتجة عن قروض التجزئة كافة موضوع هذه المادة، بما فيها القروض الشخصيّة، باللّيرة اللبنانيّة على أساس السعر المحدّد لتعاملات مصرف لبنان مع المصارف (كانت حينذاك بقيمة وسطيّة تبلغ 1507,5 ليرة لبنانية للدولار الأميركي الواحد).

 إنّما ارتبط ذلك بشروط، هي:

-    ألّا يكون العميل من غير المقيمين وفقًا للتعريف الوارد في النصوص التنظيمية الصادرة عن مصرف لبنان.

-  ألّا يكون للعميل حساب بهذه العملة الأجنبية لدى المصرف المعنيّ يمكنه استعماله لتسديد هذه الأقساط أو الدفعات.

- ألّا يتعدّى مجموع القروض السكنيّة الممنوحة للعميل الـ 800 ألف دولار، ومجموع قروض التجزئة الأخرى الـ 100 ألف دولار.

وذلك، على أن تبقى سائر التّسهيلات والقروض، لا سيّما التجارية منها، خاضعة لشروط عقد القرض أو عقد التسهيلات الموقّع بين المصرف أو المؤسّسة المالية والعميل، خصوصًا لجهة الالتزام بالتسديد بعملة القرض.

أما لجهة القروض الممنوحة بالعملات الأجنبيّة لغير المقيمين، فقد قرر المصرف المركزي آنذاك، عدم قبول تسديد القروض الممنوحة بالعملات الأجنبيّة لغير المقيمين، باستثناء قروض التجزئة بما فيها القروض الشخصيّة والقروض السكنيّة.

 

 

اترك تعليقا