سنتان من عمر حكومة 'معًا للإنقاذ' أم 'معاً نغرق'؟       وعود كثيرة والنتيجة سلبية

بعد انتظار دام سنة وشهر صدرت في 10 أيلول 2021 مراسيم تشكيل الحكومة "الميقاتية" وفي بيانها الوزاري حملت الحكومة تسمية "معًا للإنقاذ". واليوم بعد سنتين على تشكيل هذه الحكومة يفترض أن نقيّم ما وعدت به وما حققته لنعطيها حقها وننصفها من علامات. مع الإدراك أنها دخلت في 21 أيار 2022 مرحلة تصريف الأعمال مع بدء مجلس النواب ولايته الجديدة، وفي 31 تشرين الأول 2022 استلمت مهام وصلاحيات رئيس الجمهورية مع انتهاء ولاية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.

الموازنة العامة: وكأنّنا لسنا في انهيار وأزمة

لم تقرّ الحكومة موازنة العام 2021، فهذه قد تكون مهمة الحكومة التي سبقتها إذ لم تتولَّ الحكم إلا في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام المذكور. وفي العام 2022، لم تقرّ الموازنة إلا في نهاية العام، وفي العام 2023 لم تقرّ الموازنة حتى اليوم (10 أيلول 2023)، وهي أحالت مشروع القانون إلى مجلس النواب في الأسبوع الأخير من شهر آب، إنّما يُسجّل لوزارة المالية أنها أنجزت يوم الخميس في 31 آب 2023 مشروع موازنة العام 2024 وأحالته إلى رئاسة مجلس الوزراء. الموازنتان في فذلكتيهما لم تعالجا المشاكل الأساسية من ضريبة، وصحة، وتربية ونقل عام وكهرباء وغير ذلك الكثير وكأننا لسنا في انهيار وأزمة.

سعر صرف الدولار: من 19 ألف إلى 90 ألف ليرة

عندما تولّت الحكومة مهامها، كان سعر صرف الدولار مقابل الليرة 18,650 ألف ليرة، وتراجع إلى 14,500 ألف ليرة مع تشكيل الحكومة، ثمّ عاود الارتفاع وبلغ 143 ألف ليرة في شهر أذار 2023 ليستقر منذ أشهر على سعر 89-90 ألف ليرة، وهو سعر هش معرّض للاهتزاز صعودًا في كل حين.

حقوق السحب الخاصة: أنفق معظمها

دخلت حساب الدولة لدى مصرف لبنان في 16 أيلول 2021، أي بعد 6 أيام على تشكيل الحكومة، حصة لبنان من حقوق السحب الخاصة التي وزعها صندوق النقد الدولي على الدول الأعضاء، والبالغة 1140 مليون دولار، وتعهّدت الحكومة في بيانها الوزاري عدم صرف هذه الأموال إلا وفقًا لـ "أفضل طريقة لاستعمال الأموال المتأتية من حقوق السحب الخاصة بما يؤمن الاستفادة منها بشكل مستدام". وأفاد مصرف لبنان أن المبلغ المتبقي من هذه الأموال حتى نهاية شهر تموز 2023 هو 125 مليون دولار، وهناك معلومات تشير إلى أنّه لم يتبقّ منه في نهاية شهر آب 2023 سوى 50-60 مليون دولار، أي أن الحكومة أنفقت خلال عامين معظم المبلغ.

احتياط مصرف لبنان: من 18.8 مليارًا إلى 8 مليارات ليرة

كانت موجودات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية 18.8 مليار دولار، وانخفضت اليوم إلى أقلّ من 8 مليارات دولار، أي أن أكثر من 10.8 مليارات دولار أنفقت في عهد هذه الحكومة.

هجرة وسفر: نحو 140 ألف في سنتين

ثمّة مؤشرات كثيرة على فشل هذه الحكومة والحكومات السابقة، أبرزها دلالةً، هجرة وسفر مئات آلاف اللبنانيات واللبنانيين بحثًا عن فرصة عمل أو هربًا من معيشة أصبحت شبه مستحيلة. فقد هاجر وسافر خلال الأعوام 2017-2023 (نهاية شهر آذار) 298,543 شخصًا منهم 79,134 شخصًا في العام 2021 و59,269 شخصًا في العام 2022.

عشرون وعداً لم يتحققوا

 

وفي قراءة لأبرز الوعود في البيان الوزاري التي لم تتحقق اخترنا 20 "وعدًا" أساسيًا:

1- "متابعة العمل على عودة النازحين السوريين".
النازحون  لا يزالون في لبنان يلقون بأعبائهم على الاقتصاد اللبناني والحكومة لا تملك رقمًا حول عددهم وتنتظر منذ 4 أشهر مفوضية اللاجئين لإعطائها هذه المعلومات. الأعداد والولادات المتزايدة وعدم تسجيلها بشكل واضح وعدم تنظيم العمالة والإقامات وإجازات العمل تضيع إيرادات الدولة وتخلق أعباء متعددة، بيئية، ومالية، وتعليمية، وأهمها ديموغرافية.

لا شيء تحقق.

2- "استئناف التفاوض الفوري مع صندوق النقد الدولي للوصول إلى اتفاق على خطة دعم الصندوق":

لا شيء تحقق.

3- "وضع خطة لإصلاح القطاع المصرفي وإعادة هيكليته حيث يلزم وتنشيط الدورة الاقتصادية":

لا شيء تحقق.

4- "السعي مع مجلسكم الكريم إلى إقرار قانون حول الكابيتال كونترول كما وضع مشروع قانون من شأنه معالجة الأوضاع المالية والمصرفية التي استجدت بعد 17 تشرين الأول 2019":

لا شيء تحقق.

5- "متابعة تحويل الأموال إلى الخارج ومتابعة تنفيذ قانون استعادة الأموال المتأتية من جرائم الفساد الرقم 214/2021 ":

لا شيء تحقق.

6- "معاودة المفاوضات مع الدائنين للاتفاق على آلية لإعادة هيكلية الدين العام":

لا شيء تحقق.

7- "تثمين المبادرة الفرنسية والسير بتحديث وتطوير خطة التعافي المالية والاستفادة من توصيات الدراسة الاقتصادية للاستشاري "ماكينزي":

لا شيء تحقق.

8- "العزم على تصحيح الرواتب والأجور في القطاع العام": وقد تمت زيادة الرواتب الأساسية 7 أضعاف، ولكنها لم تحقق الغاية مع استمرار تراجع قدرة الموظفين الشرائية والانقطاع عن الذهاب إلى عملهم ما جعل الشلل والإقفال يسيطران على القطاع العام:

لا شيء تحقق.

9- "الحدّ من التهرب الضريبي وتعديل قانون المحاسبة العمومية والإسراع في إنجاز تشريع جديد للجمارك إضافة إلى إقرار قانون تحديث المعاملات العقارية":

لا شيء تحقق.

10-  "العمل على إنجاز الموازنة العامة للعام 2022 مع التشديد على تضمينها بنودًا إصلاحية تتناول المالية العامة": تأخر إقرار الموازنة حتى نهاية السنة وجاءت خالية من أية إصلاحات سوى زيادة الضرائب والرسوم:

لا شيء تحقق.

11- "توجيه سياسة الدعم الحالي وحصره بمستحقيه من المواطنين اللبنانيين المقيمين والانطلاق نحو سياسة اجتماعية قادرة على سد الثغرات الاجتماعية": سياسة الدعم كانت فاشلة والسياسة الاجتماعية لم تقرّ وأعداد الفقراء والمعوزين إلى ارتفاع:

لا شيء تحقق.

12- "استكمال تعيين أعضاء مجلس القضاء الأعلى وإنجاز التشكيلات القضائية والسعي لإقرار قانون استقلالية السلطة القضائية": القضاء في حال شلل وعجز عن القيام بالمهام المناطة به بعدما سبق وشهد إضرابات طويلة امتدّت لعدة أشهر:

لا شيء تحقق.

13- "مكافحة الفساد": شعار كبير رفعته هذه الحكومة كما الحكومات السابقة:

لا شيء تحقق.

14- "زيادة ساعات التغذية الكهربائية وإقامة العديد من المشاريع":

لا شيء تحقق.

15- "إعادة العمل بالقروض السكنية التي تقدمها المؤسسة العامة للإسكان": المؤسسة متوقفة عن دعم القروض السكنية وهي تقوم باستقبال طلبات تسديد القروض بعد انهيار سعر صرف الليرة:

لا شيء تحقق.

16- "تأمين سنة دراسية وجامعية طبيعية وإعادة استنهاض المدرسة الرسمية": ما تحقق عكس ذلك فالجامعة والمدارس الرسمية في حالة إقفال شبه دائمة ما دفع الطلاب إلى التوجه نحو الجامعات والمدارس الخاصة:

لا شيء تحقق.

17- "اتخاذ إجراءات عاجلة لتطوير الاقتصاد الوطني يستند إلى التخصصية في الإنتاج وتأمين التنافسية العالية للمنتجات اللبنانية، وكذلك تشجيع الصناعات الجديدة للمنتجات الجديدة والمستوردة وغير المصنّعة في لبنان": والصناعة تعاني أزمات متعدّدة ومن أبرزها غياب الكهرباء وارتفاع الكلفة وعدم القدرة على المنافسة على الرغم من تراجع سعر صرف الليرة:

لا شيء تحقق.

18- "إعادة تأهيل وتجهيز الشبكات الثابتة والخليوية بغية تأمين استمرارية خدمات الاتصالات": وحالة الاتصالات إلى تراجع والإنترنت في انقطاع بين وقت وآخر:

لا شيء تحقق.

19- "السعي لإنجاز خطة شاملة للنقل واعتماد آلية الشراكة بين القطاعين العام والخاص": الباصات الحكومية متوقفة وخطة النقل العام لم تبصر النور على الرغم من ازدياد الحاجة إليها نتيجة ارتفاع أسعار البنزين والمازوت وأجور النقل بالسيارات الخاصة والعامة على حد سواء:

لا شيء تحقق.

20- "ملء الشغور من خلال تعيينات تعتمد الكفاءة والنزاهة بعيدًا عن المحسوبيات والعمل على إقرار قانون يقيّم أداء الموظفين في القطاع العام وإنجاز المسح الشامل والتوصيف الوظيفي": لم تجر تعيينات والشغور يتوسّع في الإدارات كافة، ووصل في وظائف الفئة الأولى وما يماثلها إلى نحو 50%:

لا شيء تحقق.

عشرون موضوع وقضية أساسية ومهمة في حياة اللبنانيين تعهّدت حكومة "معًا للإنقاذ" بالعمل عليها من خلال تحقيق أعمال وإنجازات لتحسين حياة اللبنانيين والحدّ من الأزمات والمشاكل التي يعانون منها. ولو أردنا ان نضع نقطة واحدة لكل موضوع لقياس مدى النجاح في تحقيق الإنجازات، ولأن لا شيء تحقق، فالعلامة صفر/عشرين، والحكومة "معًا للغرق" وليست حكومة "معًا للإنقاذ".

لذلك يمكننا الاستنتاج أنّ عدم التصرف أنّنا في أزمة وحالة كوارث وطوارئ، أدّى إلى سقوط كبير إلى ما تحت الصفر.

 

اترك تعليقا