رسوم جمركية بقيمة 339.4 مليون دولار  تضيع سنويا على الخزينة العامة

رسوم جمركية بقيمة 339.4 مليون دولار

تضيع سنويا على الخزينة العامة

تبلغ قيمة الإيرادات الضريبيّة وغير الضريبيّة المحصّلة فعلياً خلال العام 2021، نحو 18,801,533,000,000 ليرة لبنانيّة.

تشكّل الرّسوم على التّجارة والمبادلات الدوليّة، وخاصة رسوم الجمارك على المستوردات، نسبة تقارب الـ 4% من مجمل إيرادات الخزينة.

إنّ كيفية تقييم الدولة لمستورداتها، يدلّ على نوعية إدارة موارد الخزينة العامة وإيراداتها الضريبيّة.

ينتج عن سوء الإدارة في الدولة، وأساليب تحايل المستوردين لتخفيض قيمة البضائع، وبالتالي تخفيض قيمة الضريبة الجمركية، بالإضافة إلى الفروقات في سعر صرف الدولار بين سعر الصرف الرسمي، وسعر "صيرفة"، وسعر السوق السوداء، ضياع مبالغ على خزينة الدولة.   

تبلغ قيمة الدولار الجمركي (أي سعر صرف الدولار وفقاً لقانون الجمارك)، الذي يحدّد كيفية احتساب قيمة البضائع المستوردة بالعملة الأجنبية، 15 ألف ليرة لبنانية.

وينصّ قانون الجمارك في المادة 35، فقرة 4- د، على:

"إذا كانت قيمة البضائع الواردة في الفاتورة محرّرة بعملة أجنبية، يتمّ تحويلها إلى عملة لبنانية على أساس معدّل التّحويل المعمول به بتاريخ تسجيل البيان التفصيلي والمسند إلى معدّلات التّحويل التي يحدّدها، شهرياً أو دورياً، مصرف لبنان وفقاً للمرسوم الرقم 4461 الصادر في 15 كانون الأول سنة 2000".

ونجد، من جهة أولى، أنّ اعتماد الحكومة مبلغ الـ 15 ألف ليرة للدولار الجمركي، يؤدّي إلى فوات ضرائب ورسوم فعليّة توازي خمسة أضعاف الرّسم المستوفى، إذ تبلغ قيمة الدّولار الجمركي نسبة ⅕ من قيمة الدّولار في السّوق الموازي، ونسبة تقارب ⅓ من قيمة الدّولار وفقاً لمنصّة صيرفة.

من جهة ثانية، تبلغ نسبة العائدات الجمركية للدولة، بمعدّل وسطي، 2.4% من مجمل المستوردات.

من جهة ثالثة، وفي ظل "دولرة" أسعار كلّ السّلع المستوردة وأرباح المستوردين الذين يضمّنون الرسوم ضمن الكلفة ويحتسبونها بالدّولار الأميركي، نجد المستوردين قد "دولروا" تكاليف السلع بشكل كامل، محمّلين المستهلك هذه الرسوم على أساس تحويلها إلى دولارات نقديّة.

تبيّن للدوليّة للمعلومات بعد دراسة الموازنات العامّة للسنوات 2016 لغاية العام 2022، وبيانات وزارة الماليّة ذات الصّلة، بالإضافة إلى بيانات المديريّة العامّة للجمارك، أنّ رسوماً بقيمة تقارب 340 مليون دولار تضيع سنوياً على خزينة الدولة.

فإذا كانت قيمة المستوردات تشكّل نحو 17.4 مليار دولار، وهو المعدّل الوسطي بين السنوات 2016-2022، فإنّ عائدات الرسوم الجمركية فقط، ومن دون احتساب رسوم الاستهلاك، تشكّل ما يوازي 418,025,132 دولاراً أميركياً.

تكمن المشكلة في كيفيّة تقاضي الدّولة لهذه الرّسوم، إذ أنّها باحتساب البضائع على سعر صرف 15 ألفاً، تكون قد وافقت على تقاضي هذه الرّسوم بقيمة توازي 78,379,712 دولاراً، أي بنسبة 18.75% من قيمتها  الفعلية، ما يؤدي إلى خسارة رسوم بقيمة 339,645,420 مليون دولار سنوياً، على أقلّ تقدير.

تجدر الإشارة إلى أنّ المادّة 19 من قانون الموازنة العامّة للعام 2022 من القانون النّافذ 10/2022، تنصّ على  تسديد الضرائب والرّسوم المستوفاة بالعملات الأجنبيّة نقداً، في الحساب الخاص لدى مصرف لبنان. 

تنصّ المادة على أنّه حيثما وردت في القانون الذكور، عبارة رسوم "وضرائب تستوفى بالدّولار الأميركي أو بأيّ عملة أجنبيّة"، فتودع بالعملة نفسها.

مع العلم أنّ المادّة 87 من القانون عينه، والتي نصّت على  إلغاء المادة 35 من القانون النّافذ حكماً الرقم 6 بتاريخ 1/3/2020 (الموازنة العامة والموازنات الملحقة لعام 2020)، واستعاضت عنها بأن تستوفى باللّيرة اللّبنانيّة الضّرائب والرّسوم، نصّت أيضاً على تحديد دقائقها بموجب قرار وزير الماليّة.

مع الإشارة إلى أنّ الأرقام المقدّرة في هذه الدّراسة، قد ترتفع أيضاً إذا ما تمّ تقدير السّلع بقيمتها الفعليّة والحقيقيّة، في ظلّ تصريح بعض المستوردين عن بضائع بغير قيمتها الحقيقيّة للتهرّب من الرسوم الجمركية وتخفيضها.

إنّ معظم دول العالم، الولايات المتّحدة الأميركيّة مثالاً، تواجه الأمر عينه. تورد تقارير وزارة الخزانة الأميركيّة أن هناك نوعين من الفواتير المخصّصة للاحتيال بهدف تغيير المستوردين لقيمة البضائع المستوردة، لدفع رسوم جمركيّة أقلّ ثمناً، فكيف الحال في دول العالم الثالث التي يغزوها الفساد والغشّ، لبنان مثالاً، حيث يتمّ التصريح عن معظم المستوردات بغير قيمتها الفعليّة.

جدول يبيّن قيمة الرّسوم الجمركيّة والخسارة المقدّرة سنويّاً:

إعداد: الشّركة الدّوليّة للمعلومات بناء على الموازنات العامة حول الإيرادات المحصّلة. 

اترك تعليقا