كلمـة جـواد عـدره في افتتاح معرض 'بيروت 1840-1918، صور وخرائط'
افتتاح معرض "بيروت 1840-1918، صور وخرائط"
متحف نابو، الهري- البترون
السبت 26 تشرين الثاني 2022
كلمـة جـواد عـدره
بداية، يسرّني الترحيب بكم، باسم مؤسّسي متحف نابو وفريق العمل، شاكراً لمعالي وزير الثقافة القاضي محمد المرتضى رعايته وحضوره افتتاح هذا المعرض.
ورد في كتاب "الأرض والكتاب" الذي نشر في 1859 للمبشّر والرّحالة البروتستانتي وليم طومسون عن بلادنا: "... لن يكونوا مطلقاً شعباً واحداً ولن يجتمعوا على هدفٍ ديني أو سياسي مهمّ ولذلك سيبقون ضعفاء غير قادرين على حكم ذاتهم ومعرّضين للغزوات واضطهادات الغرباء (أو الأجانب)".
لكن في كتابه ما يسرّ القلب إذ يذكر عن بيروت: "هنا شجر اللوز والزّيتون والتّين والرمّان مع بعضها، و"... سطوح البيوت تمنحك رحلة جميلة....". ويقول في جوابٍ على رسالةٍ سُئل فيها: "لماذا لم تقل لي أنّ بيروت هي ذلك المكان الجميل؟.."، "ولكنّي فعلت، ولكن لا ريشةَ ولا قلمَ يستطيع أن يصف جمال بيروت»، ويذكر الآثار الفينيقية والرومانية والإسلامية في بيروت.
لكن هذه البيوت وسقوفها هُدّمت وعلى مرفأ بيروت وبوّابته الفينيقيّة وعلى أطلال منازل العاصمة، شُيّدت تلك المباني المرتفعة بغيابٍ لأيّ تنظيمٍ مدني يأخذ تاريخ المدينة بالإعتبار.
لنتخيّل ما سيقوله طومسون اليوم عن هذا العمل، لو كان بيننا؟
طبعاً، اختفت معظم تلك المنازل الجميلة لبيروت وأشجارها وحدائقها وأزهارها وآثارها التي سترونها في هذا المعرض واختفى معها أسلوب حياة كان يحثّنا على الإنتاج صناعة وغلالاً وثقافة.
إن معظم هذه الصور لبيروت في القرن التاسع عشر هي من ضمن مجموعة "متحف نابو" ومجموعة بدر الحاج التي منحها للمتحف، كما من مجموعات بعض المتاحف العالمية.
ولقد عمل الباحثان بدر الحاج وسمير مبارك في كتابهما "بيروت 1840-1918..." بجهد هائل لتصنيف وإبراز هذه الصور، وبمساعدة من رئيس جمعية تراث بيروت سهيل منيمنة تمّ تحديد المواقع في المدينة. وستسمعون منهم عن تجربتهم.
إنّ الباحث بدر الحاج والسّفير السّابق سمير مبارك لا يتشاركان بالرؤية ذاتها ولا بالتحليل لمشاكل بلادنا، تُرى ما الذي جمعهما؟
جمعهما الشّغف بالمعرفة وحبّهما لهذه البلاد. جمعهما إتقانهما للعمل. جمعهما حرصهما على بيروت كي لا تُنسى ولا يستمرّ تدميرها.
نحن في نابو نؤمن أنّ الخلاف في الرأي يشجّع على الإبداع وأنه من دون الفنّ والثقافة لن يكون هناك لا إقتصاد حيّ ولا إدارة حسنة لهذه البلاد. الخراب الذي نراه على كل الصعد هو نتيجة الجهل والأنانية والجشع... وفي الثقافة علاج لذلك.
بدر الحاج وسمير مبارك وسهيل منيمنة، ساهموا في وضع اللّبنات لتحقيق ذلك الحلم، وكأنهم يقولون لطومسون: نحن شعب واحد ولسنا ضعفاء، وأنه مهما فعلنا لهذه البلاد فهو قليل. وسنبقى مصرّين على زراعة الأمل. وكما يقول شكسبير في مسرحيته كل شيء بخير إذا إنتهى بخير: "ما من إرث أغنى من الصدق".
اترك تعليقا