البرازق والكرواسن  والسنيورة تعلن نهاية 8 و14 آذار

يتذكر المواطن صفر جميع هتافات المشاركين في مظاهرة 14 آذار 2005 ولكنه اليوم سمع نفسه يستذكر هتافاً لم يفهمه حين سمعه لأول وهلة: "ما بدنا برازق بدنا كرواسن". لقد قررت الجموع آنذاك أنّ حلويات وردة الشام "البرازق" هي ممجوجة والكرواسن هو ألذّ.

لكنّ المواطن صفر يستذوق الأطايب من مطابخ العالم كله ويجد في البرازق لذة تُذكّره بطفولته يوم قال له والده أنّ دمشق وبيروت والقدس واحد. ولم يستطع الكرواسن أنّ يحل محل البرازق لديه ولم يكن له موقف "أيديولوجي" ضد متذوقي الكرواسن والذي أحبه معهم.

لقد توحّد "أهل السنة" آنذاك مع  كارهي سوريا بالمطلق ليعلنوا حبهم للكرواسن وكأنّ ابن عمهم الحلونجي في دمشق عدواً لهم.

 

ومع أنّ المتظاهرين في 8 آذار لم ينتبهوا إلى أهمية الحلويات في تاريخنا ويومياتنا وكانوا مُركّزين على شكر دمشق على "أدائها الرائع" منذ الدخول إلى لبنان في 1976 وحتى الخروج منه في 2005، فلا شك أنّ البرازق كانت ستحصل على شبه إجماع. ولم تكن هناك قوة تقنع محبي البرازق والكرواسن أن يتحاوروا.

 

ولم تكن السنيورة مطروحة آنذاك للتداول أو للتناول ولكنها وبسبب "الأداء الرائع" أيضاً وأيضاً لقوى 8 و14 آذار و"الموالاة" و"المعارضة" أصبح للسنيورة حيثية ومريدون.

 

ولكنّ المواطن صفر يبشر اللبنانيين أنّ هذا الخلاف في تذوق الحلويات بدأ يزول وقد انعكس في البرامج الإنتخابية.

فعلى سبيل المثال سُرّ المواطن صفر حين قرأ في برنامج تيار المستقبل:

 

« - الدولة القادرة هي الدولة المدنية التي لا تخضع لصراعات الطوائف وأحزابها

 

- الدولة القادرة هي الدولة التي تؤمِّن أوسع مشاركة للمواطنين في إدارة شؤونهم وذلك من خلال آليات المشاركة.»

 

وكذلك في برنامج حزب الله:

 

« - بناء دولة القانون والمؤسسات وتأهيل روح الإنتماء للوطن والأرض

 

- ينبغي السعي لتطوير العمل الحزبي والنقابي وإفساح المجال أمام مؤسسات وهيئات المجتمع المدني لتنشط في أن تكون رديفاً حيوياً»

 

وهكذا لن يُضطر المفتي قباني بعد اليوم للصلاة في السراي كونها موقعاً سنياً ولأنّ التيار العريض من “أهل السنة” سيتبنى الدولة المدنية. وكذلك قد تستطيع المعارضة (أي معارضة) في المستقبل طرد رئيس الوزراء إذا رأته غير شرعي وسوف تستطيع الموالاة (أي موالاة) أو المعارضة (أي معارضة) أن تنادي أيضاً برئيس مجلس نوابٍ آخر أو تُقيله حين لا يدعو لانعقاد مجلس النواب. كل ذلك دون أن يُسبّب الأمر حرباً أهلية.

 

المهم أنّ المواطن صفر لن يشترك في الإنتخابات لا ترشيحاً ولا تصويتاً فهو يعلم أنّ المعارضة ليست معارضة والموالاة  ليست موالاة و8 آذار و14 آذار انتهيا وحتى شعاراتهما بدأت تتبدل. وهو جاهز للتذكير أنّ “وسطيي ومستقلّي” اليوم والغد لم يعرفوا بحياتهم لا الوسط ولا الإستقلال بل التبعية لأنانياتهم وللخارج.

 

ومنذ تبدلت الأحوال اكتشف من كان يشتم البرازق محاسنها وعاد ليستذوقها حالفاً أنه لم ينسَ في حياته طعمها. هكذا يقول وليد جنبلاط في “أدبياته”. أما المعارضة التي كانت تمنح ميزانيات السنيورة ثقتها منذ 1993  والتي حكم لبنان (كل لبنان) عبرها فقد اكتشفت اليوم أنها لا تحب السنيورة وتخاف على صيدا (فقط صيدا) منها.

 

وأما محبو الكرواسن فقد أصابتهم الصحوة وتذكروا أنّ الزعتر نما في جبلهم وهم من صنعوا الكشك والشنكليش ومربى السفرجل.

 

المواطن صفر يزفّ البشرى إلى اللبنانيين: غداً لن تسمعوا بـ 8 و14آذار بل بمظاهرة واحدة أو مظاهرات متناغمة تُمجّد محاسن البرازق والكرواسن والسنيورة.

 

ما أحلاها طوائف لبنان. ولكي تفهمها لا تسمع ولا تقرأ كلامها ولا تقل لدى 8 و14 آذار برامج، بل ركز على أكلة البرازق والكرواسن والسنيورة واحذر من السم في الدسم.

 

جواد نديم عدره

 

اترك تعليقا