أحفاد«هم» يصحّحون تاريخ لبنانـ«نا»

قال لي زميلي «لماذا أنت مصرٌّ على الكتابة عن القرنين السادس عشر والتاسع عشر، ماذا عن اليوم؟» لا أعتقد بأننا جاهزون ولكن لنرى...

أثارت رسالة ابن شعيب(1) حنيناً لدى عدد من أحفاد «الأجانب» الذين لعبوا دوراً مهمّاً في تاريخ المنطقة، ومنها لبنان. وجاءت عباراتهم لتعكس وقائع سمعوها من أهلهم أو قرأوها في مستندات لا تزال في حوزتهم. لدى هؤلاء جميعاً «حبٌ» ما لهذا البلد، ممزوج بالمرارة. فهم يذكرون حكايات أهلهم عن «البلد الجميل المضياف» وعن مدى الاهتمام والحفاوة التي لقوها حين كانوا يصولون ويجولون فيه. أما المرارة فتتأتّى من سرعة التفاف هؤلاء «الزعماء المضيافين» على ضيوفهم، وبشراسة الذئاب الجائعة، حين يضعف هؤلاء المبعوثون.

 يستغرب الأحفاد جميعاً القدرة لدى الأُسَر التي «حكمت» لبنان على أن تبدو «مثقّفة» و«عصرية»؛ ففي منازلهم لوحات وكتب، ونبيذهم فاخر، وأحاديثهم ممتعة، لكن لديهم سرعة هائلة في التحوّل إلى وحوش مفترسة تأكل حتّى أبناءها.

وكأن معاني الكرم والشهامة والوفاء غريبة عن هؤلاء الذين أبدوا كل هذه الصفات أيام كانوا يحتَفون بضيوفهم الأجانب في عزّ نفوذهم. وكأن التاريخ كذبة واسمهم في التاريخ لا يهمّ، فسوف يأتي من يقول إنهم عظماء.

على هذا أجمع الأحفاد، رغم تعدّد مشاربهم وأهوائهم، وهكذا كتبوا!

 

حفيد جمال باشا (1922-1872)      

يروي حفيد جمال باشا ما يلي:

«لديّ وثائق من جدّي الأكبر تظهر أن من وصفتهم كتب التاريخ بالإصلاحيين والثوّار ضدّ العثمانيين كانوا أتباعاً لجدّي، انقلبوا عليه حين ضعفت تركيا في وجه الحلفاء فتحوّلوا أتباعاً لفرنسا وإنكلترا، وحتى من أظهر وطنية ما فهو يفعل ذلك نكاية بأخيه أو جاره. وقد قال جدّي «وكانت في أخلاق العرب نقطة ضعف كبرى إذ لا يكاد أحدهم يصبح ذا حظوة أو يكون مقدّماً على غيره حتى تشتعل نار الغيرة في صدور الآخرين. فيعمدون إلى أعمال التهييج ضدّه(...)». ثم راح يقول إن جدّه قال له حرفياً إن تحالف هؤلاء الزعماء مع فرنسا وإنكلترا ضدّ تركيا في الحرب العالمية الأولى (1914) ستكون له نتيجة واحدة هي خراب العرب وسقوطهم إلى الأبد، مضيفاً، «(...) إن الذين يدّعون أنهم لا يعرفون شيئاً عن تلك المناورات إما أن يكونوا قصار النظر وإما أن يكونوا قد باعوا ضميرهم وشرفهم (...)».»

وأنهى حفيد جمال باشا رسالته بقوله «إن الذين لقّبوا جدّي بالسفاح هم ذاتهم الذين كانوا يلحسون (...)».(2)

حفيد داميان دي مارتل (1940-1878)

يقول حفيد دي مارتل «عندي الكثير من الإثباتات أن جدّي لم يكن بالسوء الذي تتصوّرون، وكان لديه حسّ الفكاهة وحبّ للنساء، لكنّه أغرم بسيدة واحدة وقف أمامها زعماؤكم صاغرون، فما ذنبه؟ أنتم من أفسحتم المجال للفساد وحوّلتم هذا الكونت العريق إلى مهرّج. صحيح أنه استخدم لعبة المال في الانتخابات النيابية (1934)»، يكمل الحفيد، «لكن جدّى أوضح موقفه حرفياً: «إنني أعمل عملاً إنسانياً فليس هناك من وسيلة لعبود عبد الرزاق ولإميل تابت وغيرهما من المرشّحين الأغنياء تتفتّح فيها الصناديق وتجعل الناخبين المساكين والصحافيين المفلسين يستفيدون(...)»، وصحيح أنه تلاعب بانتخابات الرئاسة (1936)»، يوضح الحفيد،  «لكنّه كان مغرماً، فقد كتب لصديقته «كنتِ دوماً تقولين إن صداقتي لك يجب أن تجعلك صاحبة ملايين... سأجعل المرشّحين (إميل إده وبشارة الخوري) لا يصلان إلى يوم الانتخابات إلا وكل منهما قد فقد عقله أو فقد ماله أو فقد الاثنين معاً(...)».»

وينهي رسالته «نعم» كانوا يقفون على بابه، وعندما قرّرت الحكومة الفرنسية نقله، تركوه وحيداً، ولا أحد منهم «يصل إلى زنّاره (...)». (3)

 

حفيدة الجنرال إدوارد سبيرز (1974-1886)

أما حفيدة الجنرال سبيرز فأحبّت أن تبدأ رسالتها بالقول إن لا

اترك تعليقا