الثلث الضامن الضائع
الثلث الضامن أو المعطّل هو رقم مرن ويمكن أن يساوي:
10+1+19، أو 11+19، أو 14+16، أو13+17، أو 15+15، أو 29+1، أو 30x1، أو 33÷3.... الخ
وهكذا، تحتمل “حكومة الوحدة الوطنية” أرقاماً مختلفة ومعادلات عجيبة ولكنها ليست بغريبة. فمن انتخابات على أساس النسبية ولبنان دائرة واحدة، إلى المحافظة على أساس النسبية، إلى القضاء وإلى أصغر من القضاء، والمهم “الوحدة الوطنية”.
ومن “تحالف رباعي” إلى “أكثرية وهمية”، إلى “دولة ضمن الدولة”، إلى “حكومة لا شرعية” إلى وزراء مستقيلين دون أن يستقيلوا ووزراء غير مستقيلين مع أنهم استقالوا، والمهم هو “الوحدة الوطنية”.
ومن معرفة “من خطّط ومن ساهم ومن نفّذ ومن فكّر ومن ...”، إلى “محكمة دولية”، إلى “البند السابع”، إلى 14+16 أو 13+17، والمهم “المحكمة الدولية”.
ومِن “دَعوا الأكثرية تحكم” إلى اعتراض على انتخاب الرئيس من الشعب لأن الأكثرية هي من ستنتخبه، والمهم “المحكمة الدولية”. فأنت تراوح من ثلث ضامن إلى ثلث معطّل إلى ثلث مشارك إلى أكثرية مستأثرة، كل ذلك في سبيل “الوحدة الوطنية” و”المحكمة الدولية”.
الواقع أن “الوحدة الوطنية” و”المحكمة الدولية” وجهان لعملة واحدة في مجتمع ليس مجتمعاً ودولة ليست دولة ولمواطنين ليسوا مواطنين. وبين هذه الأرقام والمعادلات والأثلاث كلّها، هناك ثلث ضائع هو خارج “المحكمة الدولية”، وخارج “الوحدة الوطنية”، وخارج الطوائف وزعمائها.
ثلث اللبنانيين يريد الزواج المدني، وثلثهم يريد انتخابات نيابية خارج القيد الطائفي، وثلثهم يريد محاكمة جميع من شارك في الحرب الأهلية، وثلثهم يريد عملية مصالحة وغفران حقيقية، وثلثهم يريد مجتمعاً مدنياً عصرياً حرّاً من رجال الطوائف والدين.
إنه الثلث الضائع الذي لو توفّر له إعلام مستقلّ، لأصبح حدثاً، ولو توفّر له قادة، لشكّل حالة تغيير في البلد. إنه الثلث الضائع الذي لا يلهث وراء الخارج ووراء زعماء الطوائف لمواجهة التحدّيات. هذا الثلث هو مقاوم ليس لأنه شيعي أو مجوسي، وهو مع السيادة ليس لأنه ماروني أو فينيقي، وهو يريد الحقيقة ليس لأنه سنّي أو حريري، وهو موحّد ليس لأنه درزي أو جنبلاطي. هذا الثلث لا زعيم له ولا ورثة ولا يريد زعيماً واحداً.
هذا الثلث يملك ذاكرة وقلباً وعقلاً، فلا يرى المسألة في “حكومة” أو “محكمة” أو “سلاح” بل في بناء دولة وبناء مواطن ينتمي لها. ولو كانت الظروف مؤاتية، لشكّل هو الأكثرية في لبنان. إنه الثلث المنتمي بالعمق، والمحاور بالعمق، والذي لا يميل “إذا الريح مالت مالَ حيث تميلُ”.
هذا الثلث الذي لا تراه الموالاة ولا تلحظه المعارضة هو الثلث الضامن لهذا البلد. لكنه ضائع لأنه ينتمي إلى جميع الأطياف والطوائف ولا طائفة له، ولذلك هو ضامن حتى في غيابه.
جواد نديم عدره
اترك تعليقا