حسن شلق وموسيقى الصمت

«أهذا منزل وزير؟» تساءل المعزّون بحسن شلق في إجدعبرين، الكورة. «إنه أكبر من المنزل الذي ولد فيه عام 1934 والذي كان يفضّله»، أجاب ابنه عبد الهادي. حسن شلق رمز العصاميين في لبنان وأبلغ إدانة لنظام عمل ضمنه آملاً في تحسينه. ألم يقل بعد خدمته في مجلس الخدمة المدنية، إثر تعيينه وزيراً للإصلاح الإداري، بأنه «ليس عدلاً أن يخيّر الموظف بين أن يكون سارقاً أو جائعاً»؟ ألم يمنع لأعوام عن عرض تقريره وشكواه لمجلس الوزراء، لأن الطبقة السياسية لا يعجبها كلامه؟

مشى الطريق الطويل بصمت من قرية منعزلة في منطقة مقطوعة، «القويطع»، ورحل  بصمت. مشى الأميال (لا حصان ولا سيارة، لا سائق ولا مرافق) إلى المدرسة ثم الوظيفة ثم الوزارة، فتعلّم بعرق جبينه وجبين والديه، وترقى، منذ العام 1963، ضمن السلم درجة درجة، فوصل إلى قمته بجدارة واستقلالية. لقد كانت نقطة بيضاء لهذا النظام حين أصبح حسن شلق رئيساً لمجلس الخدمة المدنية، وتلاها الكثير من النقاط السوداء، إذ اقتنع العصامي الكبير أن الأمور هي «فالج ولا تعالج».

حسن شلق كان عصيّاً على الانكسار في نظام عصيٍّ على الإصلاح. قد يتناساه الناس في حمى المال والانتخابات وغمرة الأزلام والمتزعمين، ولكن سيذكر الجميع غداً ذاك الغني المستغني عن المال والمناصب والأزلام والمتزعمين. ولن ينصفه وساماً لم يمنح له (وإن منح) في وقت تقرّر فيه منح 362 وساماً عن العام 2005. هنيئاً لنواب التزكية ووارثي الجاه والمال، فلهم ضجيج الأضواء والإعلام ولحسن شلق موسيقى الصمت.

 

وهكذا غادر بصمت الكبار فلم يمش في الأرض تيهاً ولم يصعّر خده للناس، لكنه بلغ الجبال طولاً...

حسن شلق في الديوان، حسن شلق في الجنان.

له ولنا الرحمة والسلوان.

جواد نديم عدره

24 أيار 2005

بمناسبة مرور أسبوع على وفاة الوزير السابق حسن شلق

اترك تعليقا