إعدام لبنان- الطوائف أو انتحار الرياضيات
ابتسم بمرارة وهو يقرأ عن اعتراض الاتحاد الاوروبي على تطبيق عقوبة الاعدام في لبنان، وعن معطيات وحجج كل من الفريق المؤيد للعقوبة والمعارض لها.
والتفت الى زميله مؤكداً ان عقوبة الاعدام في لبنان لن تستمر، ولأسباب لا علاقة لها بالحوار القائم، ولا بالفلسفة أو الدين أو معاني الحق والخير والجمال، بل لأن نظام الطوائف في لبنان لا يمكنه تحمل أية عملية حاسمة الا حين يُهدد باستمراريته (وهذا القانون يفعل) ثم أكمل مداخلته وربط أسبابه تلك بالرياضيات ايضاً.
الرياضيات!! أجاب الزميل مستغرباً وما علاقتها بهذا الموضوع؟ وجاء الرد ان في لبنان ستة طوائف »رئيسية« وثمانية عشر طائفة »بالاجمال«. ولان لبنان- الطوائف القائم على »النسبة والتناسب« في شتى أمور الدولة لا يمكنه اخراج عقوبة الاعدام من هذه المعادلة، فلا بد لان يكون في كل مذهب مجرم ما يرتكب جريمة قتل ما في اوقات منسقة، وان تصدر الاحكام عليهم جميعاً وتنفذ في اوقات منسقة أيضاً، وهذه استحالة في عالم الرياضيات وفي علم الاحصاء والاحتمالات.
وهكذا سيقوم لبنان- الطوائف بإعفاء اللبنانيين، ككل مرة، من اجراء أي حوار عميق يسبر غور مشاكلهم ويعبر عن طموحاتهم. فلا حوار حول الحرب الاهلية ومسبباتها، ولا حوار حول ما درجوا على تسميته »مسيرة الانماء والاعمار«، ولا حول الجامعة اللبنانية، ولا حول الاستشفاء، ولا حول قانون الانتخاب، لان لدى لبنان- الطوائف الحلول الجاهزة، وله الكلمة الفصل.
أما في موضوع عقوبة الاعدام (موضوع الساعة)، فلا حاجة للعودة الى حمورابي والمسيح ومحمد وبودا وغاندي وغيرهم، ولا للدراسات والشِرَعْ المرتبطة بهذا الموضوع، فلبنان-الطوائف والعشائر سيقوم بالمهمة ويحسم الحوار، كما يفعل دائماً في جميع الامور الاساسية. وهكذا ترتع الطوائف في لبنان، ولا خيار لنا الا اعدام لبنان-الطوائف أو انتحار الرياضيات.
جواد نديم عدره
اترك تعليقا