القصة الحقيقية لبوسطة عين الرمانة
«قرّر» اللبنانيون أن لا يتناقشوا حول أسباب الحرب الأهلية التي بدأت في العام 1975 وانتهت عسكرياً في العام 1989 واستمرت ليومنا هذا بأنماط ودرجات مختلفة. وكذلك قرروا أن الحرب حدثت لسبب ما خارج إرادتهم وان لا جدوى من «نكئ الجراح» فلا مفقودين ولا مهجرين ولا مقتولين وطبعاً ما من قتلة وبالتالي لا حاجة لاعتراف أو مصالحة وغفران. حدث هذا لأن الحرب لم تنتهِ فعلاً والكلام عنها قد «يؤجج» ولا «ينكئ» فقط. وهكذا «قررنا» إننا سننتقل من سايغون وهانوي إلى هونغ كونغ أو سويسرا. وطبعاً هذا لان «اللبنانيين غير شكل» وليس مثل بريطانيا أو ألمانيا أو اليابان بعد الحرب. فهذه الدول قنّنت وشدشدت وتحفظت وخططت وحافظت على التراث والذاكرة في عملية إعادة الاعمار والتطوير. فلبنان ليس لديه ما يتعلمه من هذه الدول بل هو من سيعلمهم دائماً.
لم يحدث كل هذا صدفة بل لقد قررنا عن سابق تصور وتصميم وبمباركة إقليمية ودولية أن «المصلحة» تقتضي عدم المصارحة وعدم التخطيط لمستقبل يتعلم من الماضي، بل القفز من لعبة الدم الملون بالمال في “زمن الحرب” إلى لعبة المال الملون بالدم في “زمن السلم”.
إذاً، وحتى لا نستمر في الإنكار أو الخلافات، بإمكاننا أن نلجأ إلى كتابة «تاريخ موحد للحرب الأهلية»، نعلمه للأجيال الصاعدة وقد يستفيد منه المؤرخون.
مقدمة كتاب تاريخ موحّد للحرب الأهليّة
“يا أطفال وشباب لبنان، يعتقد البعض أن لبنان شهد حرباً أهلية إمتدت من العام 1975 إلى العام 1989 وأنها اندلعت في 13 نيسان 1975 بسبب «بوسطة عين الرمانة». هذه القصة غير صحيحة والحقيقة هي أن البوسطة ومن فيها تعرضوا لحادث. أما أسباب الحادث فهي عائدة إلى كون لبنان يقع على خط زلازل يمتد من رأس الناقورة إلى النهر الكبير ومن البحر المتوسط إلى السلسلة الشرقية. ولقد كان الزلزال في تلك المرحلة قوياً فاق زلزال فوكيشيما إذ وصل إلى درجة 9/9 مقياس ريختر.واستمرت الاهتزازات الارتدادية لهذا الزلزال وصادف احتلال إسرائيل لجنوب لبنان وبيروت حدوث زلزال آخر في 1982 وصل إلى 8 مقياس ريختر. ولقد وقع ضحايا كثيرون وقسّم الزلزال بيروت بين «شرقية» و«غربية». وهكذا قضى أكثر من مئة ألف لبناني ولبنانية، والبعض يقدّرهم بالمئتي ألف، وفُقد الكثير وجُرح وعُطب مئات الآلاف ودُمّرت عشرات آلاف المنازل والمصانع والمتاجر.
فلا تصدقوا ما قيل لكم أن اللبنانيين اقتتلوا، فهذا ليس من شيمهم. ولم يسرقوا ولم يعتدوا على أحد. وليس صحيحاً أن زعماء لبنان ارتكبوا الجرائم بل كانوا عمّال إغاثة لإنقاذ الناس من بين الأنقاض. كانوا هلالاً وصليباً أحمر ومتطوعين في الدفاع المدني.
ولا تصدقوا أن «الدرزي» و»الماروني» اقتتلا، ولا «المسلم» و»المسيحي» ولا «السني» و»الشيعي»، وطبعاً لا «السني» قتل «السني» ولا «الماروني الماروني» ولا «الشيعي الشيعي» ولا «الدرزي الدرزي». بل كانوا جميعاً يداً واحدة، تعمل للإنقاذ والمساعدة.
ولا تصدقوا أن قبل الزلزال وخلاله وبعد العام 1989 أن أحداً استغل «فرصة الزلزال» ليسرق أو يقتل أو يسطو. ولم يخسر لبنان ملكاً عاماً ولا مالاً عاماً ولم يقم أي سياسي بصرف نفوذ، وأهم شيء تذكروا أن القطاع المصرفي حافظ على وحدة لبنان وموّل إعادة الاعمار، بعد الزلزال، بعرق جبينه و«برسولية» تامة.
لا تصدقوا من يقول لكم: «لنتعلم من اليابان». فليس لديهم ما يقولونه لنا.لقد شهدوا قنبلتين ذريتين وزلازل متعددة وتسونامي ومفاعل نووية تشع فانظروا كيف تصرفوا.
نموذج 1
اليابان: “هم” اكتفوا بحفنة رز لعائلة من أربع لمدة 24 ساعة وانحنوا بتواضع واقفين بالصف صامتين.
لبنان: “نحن” نأخذ الصناديق دون أن نحتاجها
اترك تعليقا