رأس العبد
فيما يلي مقدمة كان سبق أن نشرت في كتاب "التمييز في لبنان" الصادر في كانون الثاني 2008 عن الدولية للمعلومات ومؤسسة إنماء من ضمن سلسلة "النحلة" للتربية المدنية، وقد ارتأينا إعادة نشرها على خلفية المناكفات التي شهدناها مؤخراً مساء الاثنين 16 نيسان 2012 في برنامج "بكل موضوعية" الذي يقدمه السيد وليد عبّود على محطة MTV.
"رأس العبد" و"فستق العبيد" وما "تستكردني!"
"لا أظن أن الشركة التي أطلقت اسم "رأس العبد" على حلواها، والتي كانت مفضلة لدى أطفال الستينيات (المحظوظين) كانت عنصرية، وكذلك لا يؤشر تغييرها لاسم الحلوى، ليصبح "طربوش" في فترة لاحقة، أن مجتمعنا لم يعد عنصرياً. ولا أظن أننا نحن الذين كنا شغوفين بهذه الحلوى، والحاج الذي كان يحلو للبعض أن يناديه "بالدكنجي"، كنا نعلم أن الاسم يعكس عنصرية ما. طبعاً كنا نربط بذهننا الفستق السوداني أيضاً برجل أسود يحمصه على "ساحة البرج"، وكان الفستق اسمه ولا يزال "فستق عبيد".
كثيرون منا لا يرون أنهم عنصريون حين يطلقون التعابير العنصرية، ولا يدرون كم من تصرفاتنا هي عملياً تمييزية ومجحفة.
"عبد أسود"، "نصيري..."، "سوري..."، "سيرلانكي..."، "خليجي..."، "فلسطيني..."، "مصري..." كلمات عادة ما يلازمها صفة سلبية أو دونية، وأضف على ذلك كلمة "معاق". وكل هذه الصفات هي تعابير قليلة من قاموس عنصريتنا فنحن "المسيحيون الغير شكل" ونحن "الشيعة الأكثرية" ونحن "السنّة المش قلال"، متفقون على أن نكون عنصريين في الوقت الذي نحاضر فيه عن الحرية وحقوق الإنسان. هل يفسر لنا غلاة "اللبنانية" ماذا تعني عبارة "ما تستكردني" أو "أرمني من برج حمود" ؟!
تقدم سلسلة النحلة هذا الكتاب كخطوة أخرى نحو لبنان آخر، في المشوار الطويل لبناء الدولة."
هكذا انتهت المقدمة، واستطراداً:
"قد يكره أحدهم (إذا كان في قلبه مجالٌ للكره) أو يحب مي شدياق، وقد يتفق معها فيما تقوله أو لا يتفق، وقد لا يهتم أحدهم لقتيل اسمه علي إلا إذا قتل على أيدي الجيش السوري، وقد لا يتذكر أحدهم قتيلاً من آل الشدياق كان يعمل في محطة LBC وقتل على أيدي الجيش الإسرائيلي، ولعلّ هؤلاء هم قتلى أهلهم فقط أو قتلانا أيضاً، نحن الذين لم نهتف لزعيم أو دولة أجنبية، وقد ندين سمير القنطار أو نمجده... ولكن أن يتصل المرء وخاصة من يعرف بنفسه مسؤولاً في حزب البعث العربي الاشتراكي ببرنامج "بكل موضوعية" على قناة MTV ويقول عن مي شدياق: "لتقرَّ لنا عن وضعيتها وما كانت تفعله قبل الانفجار..." ، فهو الإفلاس فعلاً. هل كان هذا السؤال ليطرح لو كان الضحية رجلاً؟ وهل الموضوع حين نتعرض للعنف هو ماذا كنا نفكر أو نفعل أو لماذا العنف؟
هكذا يبدو أن العنصرية والتعصب ليسا في "فستق العبيد" و"رأس العبد" فحسب، ولكن في أحزابٍ ومسؤولين فيها لا يرتدعون."
جواد نديم عدره
اترك تعليقا