'العام' و'الخاص'
منذ انتهاء الحرب اللبنانية في العام 1990 شرعت الحكومات المتعاقبة، ولا سيما تلك التي انبثقت عن الانتخابات النيابية في صيف العام 1992، بمعالجة بعض مخلفات الحرب ومحاولة ازالة التعديات والمخالفات على الأملاك العامة والخاصة، فأزيلت الحواجز والجبايات الحزبية، وأغلقت المرافىء غير الشرعية واستعادت بذلك الدولة مواردها الجمركية والتي لا تزال منخفضة نسبة لفاتورة الاستيراد الواقعية. كما صدر قانون تسوية مخالفات البناء. لكن الحكومات والمجالس النيابية المتعاقبة لم تنجح في إقرار قانون لتسوية المخالفات والتعديات على الأملاك العمومية البحرية او النهرية. وقد أحالت حكومة الرئيس الحريري في العام 1996 مشروع قانون لتسوية هذه المخالفات الا انه لم يبصر النور في مجلس النواب. ومن ثم كانت محاولة أخرى مع حكومة الرئيس الحص في العام 1999 الا انها لم تبصر النور ايضاً. هذا ولم تخلو جلسات مناقشة الموازنة العامة على مر السنوات من مناقشة هذه القضية.
اليوم، وفي ظل تفاقم ازمة المديونية العامة وزيادة الاجور وسعي الحكومة لتأمين المزيد من العائدات، تبقى مخالفات الأملاك العمومية البحرية من دون قانون ينظمها في التسوية وبدلات الاشغال والازالة، وتبقى عائدات مالية ليست زهيدة غير محصلة. كما ان الاشغالات البحرية «القانونية والمرخصة» لا يتوجب عليها، تبعاً للمراسيم النافذة، سوى بدلات ضئيلة قياساً بقيمة العقارات المشغولة او بالعائدات والارباح المحققة.
والمسألة ليست مالية أو اقتصادية فقط، بل هي مرتبطة عضوياً بدور «الدولة»، وحقوق وواجبات المواطن وما هو عام وما هو خاص. فأملاك سكة الحديد مستباحة والطريق العام مستباح والشاطئ مستباح والجبال والوديان والأنهر والبشر.
كتاب من سلسلة "وقائع" - إصدار الشركة الدولية للمعلومات
جواد نديم عدره
اترك تعليقا