حدث في مثل هذا الشهر في الجمهورية العربية السورية-إعدام إيلي كوهين أخطر جاسوس زرعته إسرائيل في سورية.

“قبل أن يهاجر إلى إسرائيل عمل تحت قيادة إبراهام دار المعروف بإسم جون دارلينج، أحد أمهر ضباط الموساد في حقبة الأربعينات والخمسينات في مصر“

رأت المخابرات الإسرائيلية في ايلي كوهين مشروع جاسوس جيد فتم إعداده في البداية لكي يعمل في مصر ‏ولكن الخطة ما لبثت أن عدلت‏ كي يباشر نشاطه التجسسي في دمشق.‏ رتبت له المخابرات الإسرائيلية قصة ملفقه يبدو بها مسلما يحمل اسم كامل أمين ثابت هاجر وعائلته إلى الإسكندرية ثم سافر عمه إلى الأرجنتين عام 1946 حيث لحق به كامل وعائلته عام 1947 وفي عام 1952 توفى والده في الأرجنتين بالسكتة القلبية كما توفيت والدته بعد ستة أشهر وبقى كامل وحده هناك يعمل في تجارة الأقمشة.

تم تدريبه على كيفية استخدام أجهزة الإرسال والاستقبال اللاسلكي والكتابة بالحبر السري كما راح يدرس في الوقت نفسه كل أخبار سورية ويحفظ أسماء رجالها السياسيين، الاقتصاديين والتجار من دون أن يغفل عن إتقان أصول الآيات القرآنية وتعاليم الدين الإسلامي... غادر كوهين عام 1961 إسرائيل إلى الأرجنتين وبمساعدة بعض العملاء ظلّ لمدة تقترب من العام يبني وجوده في العاصمة الأرجنتينية كرجل أعمال سوري ناجح‏ مكونا لنفسه هوية لا يرقى إليها الشك ويكتسب وضعا مميزا لدى الجالية العربية في الأرجنتين باعتباره قوميا سورية شديد الحماس لوطنه الأمر الذي سهّل له إقامة صداقات وطيدة مع الدبلوماسيين السوريين وبالذات مع الملحق العسكري بالسفارة السورية العقيد أمين الحافظ.

خلال المآدب الفاخرة التي اعتاد كوهين أو كامل أمين ثابت إقامتها لم يكن يخفي حنينه إلى الوطن ورغبته في زيارة دمشق‏ لذلك لم يكن غريبا أن يرحل إليها عام 1962 بعدما وصلته الإشارة من المخابرات الإسرائيلية مزودا بآلات دقيقة للتجسس.

“تمكن كوهين أو كامل من إقامة شبكة واسعة من العلاقات المهمة‏‏ مع ضباط الجيش والمسؤولين الحزبيين السوريين‏ حتى اعتاد على زيارتهم في مقار عملهم‏ والتحدث معهم بحرية عن تكتيكاتهم في حالة نشوب الحرب مع إسرائيل ليكوّن فكرة عامة عن إمكانيات الجيش السوري وخاصة عن المساعدات الحربية الواصلة من الإتحاد السوفياتي“

في الشهور الأولى تمكن كوهين أو كامل من إقامة شبكة واسعة من العلاقات المهمة‏‏ مع ضباط الجيش والمسؤولين الحزبيين السوريين‏ حتى اعتاد على زيارتهم في مقر عملهم‏ والتحدث معهم بحرية عن تكتيكاتهم في حالة نشوب الحرب مع إسرائيل ليكوّن فكرة عامة عن إمكانيات الجيش السوري وخاصة عن المساعدات الحربية الواصلة من الإتحاد السوفياتي، إضافة إلى تفاصيل الخطة السورية التي أعدت بمعرفة الخبراء الروس لاجتياح الجزء الشمالي من إسرائيل في حالة نشوب الحرب‏، كما إستطاع دخول التحصينات الدفاعية بمرتفعات الجولان‏ وتصويرها بواسطة آلة دقيقة مثبتة في ساعة يده وهي احدى ثمار التعاون الوثيق بين المخابرات الإسرائيلية والأمريكية وبالطبع كانت هذه المعلومات تصل مباشرة إلى إسرائيل‏‏ ومعها قوائم بأسماء وتحركات الضباط السوريين بين مختلف المواقع والوحدات‏.‏

“ازداد نجاح ايلي كوهين خاصة بإغداقه الأموال على حزب البعث وتجمعت حوله السلطة واقترب من أن يُرشح رئيسا للحزب أو للوزراء“

ازداد نجاح ايلي كوهين خاصة بإغداقه الأموال على حزب البعث وتجمعت حوله السلطة واقترب من أن يُرشح رئيسا للحزب أو للوزراء وهناك أكثر من رواية حول سقوط نجم المجتمع السوري لكن الرواية الأصح هي أنه في العام 1965 وبعد 4 سنوات من العمل في دمشق، تم الكشف عنه عندما ضبطت رسالة »مورس» وجهت من المبنى الذي يسكن فيه فحوصر على أثرها وقام رجال الأمن بالتحقيق مع السكان ولم يجدوا أحداً مشبوهاً فيه إلا أنهم عادوا واعتقلوه بعد مراقبة البث الصادر من الشقة وفي رواية أخرى وهي الأقرب أنه كان يسكن قرب مقر السفارة الهندية بدمشق وأن العاملين بالإتصالات الهندية رصدوا إشارات لاسلكية تشوش على إشارات السفارة وتم إبلاغ الجهات المختصة في سورية التي تأكدت من وجود رسائل تصدر من مبنى قرب السفارة وتم رصد المصدر وبالمراقبة تم تحديد وقت الإرسال الأسبوعي للمداهمة ليتم القبض عليه قبل أن يعدم في ساحة المرجة وسط دمشق في 18 أيار 1965. 

اترك تعليقا