في جامعة تيبنغن
وذات يوم، قال لي الجنرال: يقوم الجيش الألمانيّ الصغير بمناورة. ونفسي تحنّ إلى الجنديّة. وأنا ذاهبٌ لمشاهدة المناورة. فهل لك أن ترافقني؟ فرحت بالدعوة. وسرنا وراء الجيش من تلّة إلى أخرى، ومن وادٍ إلى آخر، والجنرال يتابع تحرّك الجيش بمنظارٍ عسكريٍّ كبير ويقول لي: هُزمت الفرقة الفلانيّة، انتصرت الفرقة الأخرى، ملحمة بالسّلاح الأبيض هناك! وأنا كالأطرش في الزّفّة! أيامًا سعيدة هانئة قضيتها في معمل البارود.
 
وعدت إلى “مولاتي المحترمة” وسرّت بألمانيّتي . قالت: الآن يجب أن تستعدّ للقاء الشّتاء. الشّتاء هنا قاسٍ جدًا، وأريد أن أريك عنبر الفحم، وأريد أن أعلّمك كيف تدفّىء الغرفة. وسأعرّفك إلى طالبٍ من أقربائنا. أريدك أن تعاشر الألمان الحقيقيّين!
 
بحسب الاتفاقية التي تمّت بين الأستاذ لتمن وزوجة الجرّاح، مولاتي المحترمة، كان عليّ أن أنهض باكرًا، وأصعد إلى غرفة الطعام، وأتناول الإفطار مع عائلةٍ كبيرة: ستّة صبيان وفتاةٌ واحدة. والصّبيان من أجمل ما خلق الخالق صحّةً وخلقةً وأدبًا. الفتاة كانت سمينة، وبخلت آلهة الجمال عليها، فلم تهبها شيئًا من عطائها. على المائدة طبقان، على كلّ منهما “عرمة” من السندويش المختلف الأجناس: زبدة، جبنة، لحمٌ بارد، مقانق متنوعة الأجناس، وعدّة أباريق ضخمة مليئة بالحليب الدّسم السّاخن والشوكولا! لا ملاعق، لا صحون، لا ملح، لا سكّر، إنّما هناك فناجين مصنوعة من النوع الذي يشربون به البيرا، فناجين مصنوعة من الخزف المحلّي.  
 

اترك تعليقا