في جامعة تيبنغن

وكان كذلك. وقبل أن أغادر قال: تتعشّى عندي. زوجتي تريد التعرّف إليك، وبعد العشاء نعود إلى فنيانوس.

كان التلاميذ الأجانب في ذلك قلّة مدلّلة. ومن تعلّم في الغرب مثلي، وفي ذلك العهد، يوافق على صحّة كلامي. أمّا الآن، فقد تغيّرت الدنيا، وأصبح الطالب العربي غير مرغوب فيه كثيراً، شيء مؤسف.

وطبع الأستاذ الترجمة الألمانية، وفي هوامشها عشرات وعشرات من الشروح يقول في آخرها: “والفضل يعود إلى تلميذي أنيس فريحة اللبناني”. شرف عظيم فزت به قبل أن أدرس عليه.

ومّرت أيام، فدعاني لتمِن إلى مكتبه، وقال: أمامنا مدّة ثلاثة أشهر قبل أن تبدأ الدروس. ولحظت أن ألمانيّتك ليس كما أحبّ لك. وأقترح عليك أن تقضي هذه المدّة في درس اللغة الألمانية، وتابع كلامه: لي صديق آخر من أشراف الألمان: جنرالٌ كبيرٌ متقاعدٌ وزوجته خرّيجة جامعة كيمبردج في إنكلترا. بعد التقاعد إشترى معمل بارودٍ قديم، وحوّله إلى مزرعة. وتقع المزرعة في بقعةٍ جميلة. ولزوجته مدرسةٌ للطلاب الأجانب. يسكنون في ما تبقّى من معمل البارود وتعلّمهم الألمانية. وقد إتصلت بها، وسألتها إذا كانت تستطيع قبول طالب آخر من الشرق الأدنى. ورحبّت بالطلب وقالت: أهلاً به. لم أعلّم عربياً بعد، ونحبّ أن نتعرّف إليه. فمن الخير لك، عوضاً عن أن تقضي يومك متجولاً في أزقّة المدينة القديمة، أن تلتحق بهذه المدرسة.  

اترك تعليقا